الهجمة الحكومية المتصاعدة ضد شركة مصفاة البترول تأتي في سياق حملة منظمة من السلطة التنفيذية لتصفية القطاع التعاوني المشترك الذي يساهم في التنمية الحقيقية ويعزز ثقافة الملكية التشاركية بين الحكومة والمجتمع، ويوفر حياة كريمة لآلاف العمال الاردنيين، وقد جاءت مطالبة الحكومة للمصفاة بدفع مبلغ سنوي يقارب 15 مليون دولار سنويا في آخر اجتماع لحكومة الدكتور عمر الرزاز وبتنفيذ الشركة لمشروع التوسعة الرابع الذي يساهم في تعزيز جودة المنتجات خاصة البنزين والديزل في وقت امتنعت فيه الحكومة عن تسديد التزاماتها المالية تجاه الشركة، وتقدر الموارد المالية للشركة من عمليات التكرير بنحو 10.5 مليون دولار سنويا وهو اقل من المبلغ الذي طالبت الحكومة باستيفائه سنويا، الأمر الذي قد تضطر الشركة بسببه الى اغلاق اعمال التكرير النفطي والاستغناء عن 2600 موظف في خطوط تكرير المشتقات النفطية، عدا عن العاملين في اعمال لوجستية مساندة، و2300 سائق يعملون على نقل المشتقات النفطية من العقبة الى الزرقاء، مما يدفع بهم الى صفوف البطالة ويدفع عائلاتهم للمعاناة من غائلة الجوع والفاقة.
ويحرم قرابة 34 ألف مواطن من دخل تدره عليهم الشركة، سواء بشكل مباشر او من خلال مدخراتهم في مؤسسة الضمان الاجتماعي، حيث تبلغ الملكية الفردية ومدخرات مؤسسة الضمان 80% من أسهم الشركة.
وروج اصحاب المصالح الخاصة الذين يسعون الى تصفية النمط التشاركي لصالح الخصخصة واقتصاد السوق الرأسمالي الحر مقطع فيديو للمستشار الاقتصادي خلال حكومة علي ابو الراغب، محمد الرواشدة، الذي استضافته مع المحامي طارق ابو الراغب، عبر شاشة A1TV ان شركة مصفاة البترول الاردنية تتعرض لخسائر فادحة بلغت العام الماضي 31 مليون دينار وتحدث عن رواتب شهرية خيالية للرئيس التنفيذي للشركة ونائبه، ولم يربط الفيديو بين تلك الخسائر والازمة الاقتصادية التي اجتاحت البلاد في ظل وباء كوفيد 19، كما لم ينوه بما حققته الشركة من ارباح خلال السنوات الثلاث التي سبقت الكارثة الوبائية والتي بلغت عام 2017 (32.93) مليون دينار، ارتفعت في عام 2018 لتصل في عام 2019 الى (44. 19) مليون دينار، الأمر الذي يشير الى ان الشركة من الشركات القليلة التي تحرز نجاحات، لكنها توقفت عن تحقيق الارباح وتعرضت لخسائر بعد عمليات الاغلاق الجزئية والشاملة التي فرضتها جائحة كورونا، الأمر الذي يجب عدم تجاهله.
قد تكون رواتب بعض المدراء عالية او حتى خيالية في واقع المجتمع الاردني تستلزم اعادة النظر فيها، دون أن ننسى هجرة الأدمغة من الخبراء وأصحاب الاختصاصات المميزة، الى الغرب والدول الخليجية كفاءاتهم وجني الثروات في تزايد، لكن ينبغي ألا يكون ذلك مسوغا للتغول على تلك الشركة الوطنية العامة، ومبررا لإغلاقها لأهداف في نفس يعقوب وألا تكون مواعيد الحكومة للشركة عرقوبية.