عممت وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية بكتابها رقم 1/56/1003 بتاريخ 3/2/2021 كتاباً يتطلب تقديم الموازنة السنوية للأحزاب السياسية لعام 2020 مستندة في كتابها على مواد من قانون الأحزاب السياسية ونظام الدعم المالي وتعليمات تقديم ذلك الدعم.
ما ورد في هذا الكتاب ليس جديداً، بل يندرج ضمن المطالب العديدة التي تتقدم بها وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية للأحزاب في مطلع كل عام.
كان حزبنا ولا زال يعتبر هذه المطالب تعجيزية وليست إدارية وتفتقر الى روح القانون الناظم للعلاقة بين الأحزاب والوزارة، إلا أن الوزارة صمّت آذانها عن الاستماع لمطالب الأحزاب بتعديلها، وأثقلت كاهل الأحزاب بالمزيد من المطالب التي تتعارض مع خلق بيئة صديقة للعمل الحزبي.
الجديد في هذا الكتاب أنه يمثل في مضامينه تغولاً على الأحزاب السياسية حيث يلزم وبعد مرور سنوات على ترخيص الأحزاب بمجموعة من المطالب التي تعكس الذهنية العرفية في صياغتها، فهي تطالب بإرسال قائمة بأسماء رباعية من كل الأعضاء منذ التأسيس وارفاق ذلك بنسخ ورقية والكترونية ومتسلسلة حسب الرقم الوطني وصور لهويات الأعضاء وشهادات عدم محكومية للأعضاء الجدد دون تمييز بين العمل الحزبي الذي يقع ضمن الحريات العامة وبين المتطلبات الوظيفية في الدوائر الحكومية. ورغم أن الوزارة ادعت بأنها تستند الى مواد في قانون الأحزاب، الا انه يتضح من الصياغة وجود نوايا مبيتة لوضع الأحزاب أمام أمر واقع إما أن تنصاع لهذه المطالب التعجيزية أو تصبح خارج القانون.
والأكثر غرابة أن هذا الخطاب يطالب بقائمة المتوفين والمستقلين من الأعضاء، فماذا ترك للأحزاب من صلاحية في ترتيب بيتها الداخلي.
إن حزبنا يرى أن هذه المطالب التعجيزية تظهر عدم الثقة والشك والريبة والنظرة العرفية في التعامل مع الأحزاب والذي تجلى بوضوح في مطلبها بأن يحمل الأمين العام أو أحد أعضاء الحزب رزمة من مئات سندات القبض التي تثبت أن العضو قد سدد اشتراكاته الشهرية أو السنوية أو أن يحمل ملفات ورقية فيها إثبات صدور مطبوعات حزبية أو صحيفة الحزب، ان مثل هذه الاجراءات وغيرها لا يمكن اعتبارها مطلباً إدارياً أو مؤسسياً بل أنها تعكس روح النمط الأمني لا أكثر ولا أقل.
الغريب في الأمر ان هذه الإجراءات تأتي في وقت لم يمض أكثر من أسبوع على مطالبة جلالة الملك من الحكومة والمؤسسات التشريعية إعادة النظر في القوانين الناظمة للحياة السياسية وفي المقدمة منها قانون الانتخاب الذي ولّد مجلس النواب الحالي وتسارع أعضاؤه لمنح الثقة للحكومة الحالية، وكذلك المطالبة بإعادة النظر في قانون الأحزاب، فكيف الحال في هذه المطالب إذا كانت النظرة العرفية والقيود المفروضة على الأحزاب هي التي تسود الحياة الحزبية
إننا قبل أن نطالب الحكومة بإعادة النظر لمثل هذه المضامين لكتاب الموازنة العامة للأحزاب فاننا نطالب الأحزاب أن تقف وقفة جادة لمواجهة هذا النهج الذي لا يريد حياة حزبية سليمة ترعى وتصون الحريات العامة وتكون ركيزة أساسية لحياة سياسية لحماية الوطن والمواطن.