أعلن الحزب الاشتراكي الفنزويلي الموحد فوزه في انتخابات الجمعية الوطنية البرلمان التي جرت الاحد (7/12) بحصول ائتلاف “القطب الوطني الكبير” الذي يتزعمه الحزب الاشتراكي الموحد الفنزويلي على نسبة 67 % ممن تسنى لهم الاقتراع في الانتخابات.
وهكذا استعاد أنصار الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز الجمعية الوطنية، التي سيطرت عليها المعارضة منذ عام 2018 والتي تحولت في الواقع الى مركز لزعزعة الاستقرار السياسي في البلاد. وقد أعلنت المعارضة اليمينية آنذاك أنها عازمة على اسقاط حكومة مادورو اليسارية خلال ستة أشهر لكنها لم تستطع تنفيذ هذا الوعد وحسم الصراع لصالحها.
غير أن السنوات الخمس الماضية كانت قاسية وصعبة للغاية بالنسبة للثورة البوليفارية. فالعقوبات أرهقت السكان، وولدت للاقتصاد الوطني صعوبات معقدة للغاية كان لها أثر سلبي على حياة الشعب الفنزويلي. كما كان للضغوط الخارجية المتواصلة التي بلغت حد ارسال فرق المرتزقة وتدبير محاولات متكررة لاغتيال الرئيس مادورو في اطار الاعداد لانقلاب عسكري رجعي مدبر من الخارج بتواطؤ أطراف من المعارضة اليمينية المتطرفة في الداخل، مما كان له الأثر الأكبر في زعزعة الاستقرار في البلاد.
في هذا السياق يجب فهم مغزى الانتخابات والنتائج التي أسفرت عنها. فالتغيير الذي طرأ على قوام الجمعية الوطنية نتيجة الانتخابات يسحب من الدمية التي صنّعتها الامبريالية الأمريكية خوان غوايدو الصلاحيات التي انتزعها لنفسه بعد نجاح المعارضة اليمينية في السيطرة على الجمعية الوطنية في أعقاب الانتخابات البرلمانية.
ورغم حملة التحريض الواسعة التي شنتها الولايات المتحدة ومعها الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة ليما التي دعت الى مقاطعة الانتخابات بحجة ان حكومة مادورو تنوي تزويرها، فقد شارك في الانتخابات 14400 مرشح يمثلون 07 1 أحزاب ومنظمات سياسية، منها 98 منظمة تمثل المعارضة، رغم تجاوب العديد من أحزاب وقوى المعارضة الفنزويلية مع الدعوات التحريضية الغربية والإقليمية.
في خطوة يسعى غوايدو من خلالها إظهار “تأييد شعبي” مزعوم له ولخططه الرامية للاستيلاء على السلطة، جرى الإعلان عن تنظيم استفتاء حول احتفاظ بصلاحيات “قائم بأعمال رئيس البلاد. غير أن هذه المحاولات لن يكون مصيرها أفضل من سابقاتها من المحاولات التي حاولت فيها المعارضة اليمينية المرتبطة بالمخابرات الامريكية والكولومبية انتزاع تأييد شعبي لسعيها المحموم للإطاحة بحكومة مادورو اليسارية وتنصيب غوايدو مكانه. وكما تم احراق نتائج استفتاء سابق من قبل المعارضة نفسها، سيتم اهمال نتائج هذا الاستفتاء إذا ما أصر غوايدو وعصاباته تنفيذه.
وفي مسعى للتشكيك في التأييد الشعبي للحزب الاشتراكي والائتلاف الوطني العريض الذي يقوده، بالإشارة الى ان الانتخابات لم تشهد مشاركة حوالي 31 % ممن يحق لهم الاقتراع، يتوجب الإشارة، الى أن المشاركة في الانتخابات البرلمانية كانت دائماً متدنية بالقياس للانتخابات الرئاسية. ففي الانتخابات التي جرت عام 2005 والتي قاطعتها المعارضة شارك في الانتخابات 25 % فقط ممن يحق لهم الاقتراع.
وفي أعقاب اعلان النتائج توجه الرئيس نيكولاس مادورو بالتهنئة الى الفائزين بالانتخابات عبر حديث متلفز، مؤكداً أن الحزب الاشتراكي الفنزويلي الموحد فاز من خلال التصويت وليس من خلال العنف وهو دليل على الطبيعة الديمقراطية والشعبية للحزب.
وقال مادورو إنه “ابتداءً من اليوم تولد حقبة جديدة في فنزويلا ونحن نمنح أنفسنا الفرصة لبدء عملية ديمقراطية حقيقية من أجل استعادة الجمعية الوطنية”.
ولفت مادورو إلى أنه على الرغم من أن الجماعات العنيفة في البلاد هددت بتنفيذ أعمال تخريب لإبقاء بعض مراكز الاقتراع مغلقة إلا أنه لم تقع أي حوادث وظلت جميع المراكز مفتوحة.
وتابع مادورو “كان لدينا الصبر والحكمة والمقاومة لننتظر هذه الساعة وهذا اليوم ونتخلص من تلك الجمعية الوطنية الشائنة التي هاجمت الفنزويليين وجلبت وباء العقوبات والقسوة والألم والمعاناة” مشيرا إلى أن تصويت أمس هو لإخبار العالم أن فنزويلا ليست مستعمرة لأحد وأنها دولة حرة وذات سيادة ومستقلة.
وكان الرئيس مادورو أعلن أمس تأييد فكرة إطلاق حوار سياسي واسع عقب الانتخابات البرلمانية في بلاده يشمل المعارضة غير البرلمانية التي رفضت المشاركة في الانتخابات وأن هذا الحوار سيسمح بتحديد سبل الانتعاش الاقتصادي.