حازت الحكومة الجديدة التي شكلها هشام المشيّشي على ثقة المجلس دون عرض برنامج ولا ضبط أولويات وإجراءات ملموسة ومسقّفة لمعالجة مشاكل الوطن والشعب المتراكمة والمتفاقمة. وقد انقاد التصويت لها بمنطق الحفاظ على المواقع والمصالح وتسجيل النقاط للخصوم لا غير.
وأضاف حزب العمال التونسي في البيان الذي أصدره حول التشكيلة الحكومية التونسية الجديدة، ولئن خضع المشيشي في البداية لتوجيهات قصر قرطاج، فإن ضغط الأحزاب والكتل النيابية حوّل وجهته نحو أكثرها رجعية وفسادا، خاضعا لابتزازها وضغوطها مما زاد مسار تشكيل الحكومة تعفّنا وهو ما انعكس في خطاب جلسة منح الثقة الذي خلا، على سبيل الذكر وليس الحصر، من كل إشارة ولو شكلية إلى مقاومة الفساد التي حضرت في خطب كل سابقيه. كما خلا من كل إشارة إلى السياسة الخارجية وخاصة الموقف من التطبيع مع الكيان الصهيوني في هذا الوقت بالذات. أما نقاشات البرلمان فقد عبّرت عن درجة كبيرة من الإسفاف والانحطاط السياسي والسقوط الأخلاقي.
وأردف البيان بالقول إن المصادقة على حكومة المشيشي عوض أن تفتح على فترة، ولو ظرفية من الهدوء كما جرت العادة، أججت الأزمة السياسية وأطلقت العنان لحرب مفتوحة بين مراكز السلطة وخاصة بين قصري قرطاج وباردو. وهو ما عكسه خطاب قيس سعيد في حفل أداء اليمين وهو خطاب استعمل فيه كل ألفاظ الحرب. كما عكسه الخطاب التوديعي لإلياس الفخفاخ الذي اعترف مرة أخرى أن البلاد تتلاعب بها المافيات والقوى الخارجية. وهو ما يؤكد مجددا أن المنظومة السائدة التي أتت بها انتخابات 2019 هي منظومة مأزومة وفاشلة وعاجزة ولن تنتج إلا مزيدا من تعفن الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، ورهنا للبلاد للدوائر الأجنبية.
وشدد حزب العمال في بيانه على المطالب التالية:
أولا: أنّ أوضاع البلاد بلغت مع منظومة الحكم السائدة درجة غير مسبوقة من التدهور والسوء، وهي نتيجة حتمية لتواصل الاحتكام لنفس الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدبلوماسية التي تخدم مصالح لوبيات السماسرة والعملاء والمهربين ومصاصي دماء العمال والكادحين والفقراء.
ثانيا: أنّ حكومة المشيشي ومهما كانت أغلفتها كـ”الاستقلالية والكفاءة والتكنوقراط” إنما هي مواصلة لنفس سياسات التبعية والتفقير والقمع والفساد، وهي حكومة عاجزة عن معالجة مشاكل تونس وشعبها بل ستزيدها سوء وبؤسا خاصة مع أوضاع اقتصادية ومالية واجتماعية تشارف على الانهيار ومناخ إقليمي ودولي متفجر وحامل لأخطار وتهديدات كبيرة.
ثالثاً: أنّ الصراع السياسي الدائر اليوم بين مكونات منظومة الحكم هو صراع رجعي لا مصلحة للشعب فيه، وهو صراع من أجل التموقع والغنائم ومزيد من رهن تونس للقوى الخارجية وقهر شعبها من قبل قوى ظلامية وشعبوية وليبرالية مفلسة لم تنجح إلا في الغدر.. غدر بثورة الشعب التونسي والالتفاف على استحقاقاتها.
رابعا: أنّ مصلحة الشعب التونسي ليست في الاستسلام أو الإحباط أو البحث عن حلول وهمية من داخل المنظومة القائمة، بل في أخذ مصيره بيده من خلال النضال ولا شيء غير النضال الواعي والمنظم والمحتكم لبرنامج ثوري يصحح الأوضاع ويستهدف منظومة الحكم من أجل نظام يحقق مصالح الشعب واستقلال الوطن من خلال خيارات جديدة وطنية ديمقراطية وشعبية.