شكلت جائحة كورونا أكبر زلزال هز العالم منذ الحرب العالمية الأولى، وهي تهدد العالم بأزمة اقتصادية أعمق بكثير من أزمة الركود العالمي في نهاية عشرينيات القرن الماضي. وشملت الأزمة جميع دول العالم بلا استثناء، وكان وقعها شديد الوطأة وكارثياً في العديد من الدول لا سيما الدول النامية الفقيرة. وسيعاني العالم من ركود اقتصادي غير مسبوق.
ويرى المختصون في صندوق النقد والبنك الدوليين أن الدول النامية منخفضة الدخل ستعاني من صعوبات تعيق قدرتها على مواجهة تداعيات الأزمة. وإن هذه الدول تعاني من الصدمات الخارجية فضلاً عن معاناتها من انكماش داخلي. ويرجح أن يتوقف النمو في هذه البلدان هذا العام او حتى يتراجع خاصة في ظل غياب جهود دولية لدعمها. فقد كان نصف هذه البلدان يعاني من مستويات الدين العام المرتفعة ومن انخفاض الصادرات وتدفق رؤوس الأموال الأجنبية والانخفاض الحاد في تحويلات العاملين في الخارج وانخفاض عائدات السياحة. وتشير مسوح أجريت مؤخراً في 20 بلداً افريقياً الى أن أكثر من 70 % من المجيبين مهددون بنفاذ الغذاء إذا استمرت حالات الاغلاق.
سجلت عدة دول تراجعاً غير مسبوق في اجمالي الناتج المحلي في الربع الثاني من العام الحالي، إضافة الى الانكماش الذي سجل في الأشهر السابقة.
فقد تراجع الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم بنسبة 9.5 % في الربع الثاني بعد تراجع 1.3 % في الربع الأول. وتجنبت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم الدخول في ركود، حيث سجلت نمو في الناتج المحلي بلغ 11.5 % في الربع الثاني بعد تراجع بلغ 10 % في الربع الأول. ويبقى معدل النمو في الصين متدنياً قياساً للعقود السابقة. وتراجع الناتج الإجمالي بنسبة 7.8 % في الربع الثاني وتراجع اجمالي الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة 12.1 % مقابل 3.6 % في الربع الأول، وسجلت المانيا أكبر اقتصاد أوروبي أكبر انكماش بنسبة 1.1 % في الربع الثاني. وفي فرنسا سجل الناتج المحلي الإجمالي انكماشاً بنسبة 13.8 %. ودخلت إيطاليا في انكماش كبير بنسبة 12.4 % في الربع الثاني، فيما تراجع الاقتصاد الاسباني بنسبة 18.5 % في الربع الثاني. وتشهد المملكة المتحدة أكثر الدول الأوروبية تضرراً من حيث عدد الوفيات والركود الأسوأ في القارة بنسبة 20.4 % في الربع الثاني وانكمش الاقتصاد الروسي بنسبة 8.5 % في الربع الثاني علماً ان روسيا عانت من تداعيات أزمة النفط.
900 مليار دولار خسائر قطاع السياحة
ودعت الأمم المتحدة الى تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول للحد من الوطأة المدمرة للقطاع السياحي الذي يشكل مصدر العائدات الرئيس لبعض الدول.
وقال أمين عام الأمم المتحدة انه خلال الخمسة أشهر الأولى من هذا العام تراجعت حركة وصول السياح الأجانب الى الدول بأكثر من النصف وتمت خسارة حوالي 320 مليار دولار من عائدات السياحة. وقد تصل الخسائر الى أكثر من 900 مليار دولار حتى نهاية هذا العام. وحذر أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش بأن 120 مليون وظيفة مهددة. وقال ان الأزمة تشكل صدمة كبرى للاقتصادات المتطورة غير ان الوضع شديد الخطورة بالنسبة للدول النامية.
وقال خبراء صندوق النقد الدولي أنه برغم الجهود التي تبذلها حكومات الدول النامية منخفضة الدخل، فان وقوع الضرر الدائم يبدو حتمياً في غياب المزيد من الدعم الدولي. ومما يثير القلق احتمال حدوث آثار كبيرة كزيادة معدل الوفيات وتدهور الصحة العامة والتعليم واستنزاف المدخرات واضطرابات الإنتاج التي يتعذر إصلاحها وزيادة أعباء المديونية العامة. ومن شأن هذه الأمور أن تسبب انتكاسات حادة لجهود التنمية بما في ذلك ضياع المكاسب المحققة سابقاً.
وطالب الخبراء أن يدعم المجتمع الدولي البلدان النامية منخفضة الدخل لكي تتعافى وضمان الامدادات الصحية لها وكذلك امدادات الغذاء والدواء. ومن الأولويات أيضاً تعديل خصائص الديون وإعادة هيكلتها لإعادة القدرة على الاستمرار في تحمل الديون والعمل على تخفيف أعباء الديون بشكل عام.