استجابة لنداءات نسوية وشبابية إثر الجريمة البشعة بحق الفتاة أحلام، هذه الجريمة التي فجرت تراكمات مختزنة لجرائم أخرى عديدة هزت الضمير الإنساني للمجتمع ممن تعالوا على التعصب والانغلاق بكافة اشكاله لتنفيذ وقفتين احتجاجيتين، الأولى امام رئاسة الوزراء والثانية امام البرلمان للتعبير عن رفض مبدأ قتل النساء والعنف الاسري الموجه ضدهن. وقد ركزت مطالب المشاركات والمشاركين على انتقاد ضعف نظم حماية النساء وضرورة تغيير القوانين والتشريعات التي تفسح مجالاً للقتلة إما بإسقاط الحق الشخصي او الحكم المخفف.
وكالعادة انبرى من يتصدى منتقداً وأحياناً غاضباً وشاتماً لهذا التحرك فهؤلاء درجوا على مقاومة أي حركة حتى الطبيعية لتطور المجتمع بتأثير التقدم العلمي وانفتاح العالم على بعضه معلوماتياً وفي الاتصالات والمواصلات متسترين حيناً باسم الدين، وأحياناً بدعوى المحافظة على التقاليد والعادات والقيم والبعض منهم صب جام غضبه على العولمة وتأثيراتها علماً ان هؤلاء لا يترددون في الإنفاق على أدوات العولمة الاستهلاكية وغيرها. والبعض انتقد ملابس المشاركات وهؤلاء نذكرهم أن هذا كان لباس نساءنا وبناتنا وأمهاتنا وطالباتنا في المدارس في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، حيث كان الالتزام بالعادات والتقاليد أكثر. كما كان تأثير القبيلة والعائلة أقوى بكثير مما هو عليه الآن. كما نذكر هؤلاء أن الاتهام بتقليد المرأة الأوروبية أن هذه المرأة حصلت على ما تتمتع به من مساحة واسعة للحرية إثر نضالات وطريق طويل من التضحيات بداية رفضاً لحزام العفة مروراً بتسليع المرأة ولم تبخل هؤلاء النساء من التضحية بأرواحهن بالموت حرقاً في الساحات العامة. كل هذا تعبيداً لطريق الحرية.
أما الغضب على الشعار الذي انتقد السلطة الأبوية فهو ناتج اما عن الجهل بمفهوم السلطة الأبوية أو تم ذلك انقياداً لبعض العارفين الخبثاء الذين يعرفون تماماً ان المقصود بالسلطة الأبوية هو السلطة الذكورية التي تطوع المنظومة الاجتماعية والقانونية والسياسية والاقتصادية لخدمة مصالحهم فهي تعني الديكتاتور الذي ينصب نفسه أباً للشعب يفرض رأيه وما عليهم سوى الانقياد والطاعة، كما يعني المدير المتسلط فهذه السلطة الأبوية تتيح حتى للأبن المراهق الذي لم يتجاوز الخامسة او السادسة عشرة من التحكم في أخته، وحتى أمه وكل أنثى في العائلة حتى لو كانت أكبر منه سناً وأكثر منه تعليماً وثقافة.
وتحت هذه السلطة أصبحنا اليوم على جريمة قتل طفل لوالدته بعد أن طعنها 30 طعنة نجلاء، وقبلها نذكر الشاب المراهق الذي قطع رأس والدته ورفعه متباهياً من على الشرفة. وتحت هذه السلطة ايضاً زوج يلقي بزوجته من الطابق السابع إثر اصابتها بالكورونا، وآخر ينشرها على حبل الغسيل لينقطع بها وتسقط ميتة من الطابق السادس وغيرها وغيرها الكثير..
نقدر تفاعل رئيس الوزراء مباشرة مع القضية وتعهده بمراجعة كافة الإجراءات والأدوار بالتعاون مع المجلس الوطني لشؤون الاسرة ونقدر لمدير الأمن العام إعادة هيكلة إدارة حماية الأسرة وتوسيع اختصاصاتها لتشمل كافة الجوانب الأسرية المتعلقة بحماية المرأة والطفل، والأهم حماية النفس البشرية مهما كان جنسها ومنع التعدي عليها او تعريضها للقتل او للإيذاء تحت أي ذريعة آملين أن تكون هذه الإجراءات دائمة ومستمرة لا أن تأتي امتصاصاً للغضب.