في يوم الأرض الخالد يستذكر حزبنا الشيوعي الأردني المأثرة التي سطرها ابناء شعبنا الفلسطيني في أراضي الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، وأعلنوا عبرها رفضهم القاطع لمخططات التهويد الصهيونية، واكدو من خلالها تمسكهم بالأرض التي تَوارثوها ابا عن جد، واستعدادهم لبذل التضحيات الجسام في سبيل الحفاظ على هويتها العربية الفلسطينية، مهما بلغت سطوة الجلاد “الإسرائيلي”، وبلغ عسفه وعمته.
لقد توفرت لشعبنا في الداخل قيادة جريئة تقدمت الصفوف لخوض الصراع مع الصهاينة على احد جبهاته الرئيسة، جبهة الصراع على الأرض، لم تفلح آلة القمع الوحشية “الاسرائيلية” في انتزاع تنازل منها عن الحق التاريخي في البقاء َوالعيش عليها كملاك لها، وهي ليست على استعداد البتة للتفريط بها او التنازل عنها تحت أي ظرف.
لقد استجابت الجماهير الفلسطينية بكثافة للنداء الذي وجهه الحزب الشيوعي، بقيادته المجربة، وفي مقدمتها القائد الشيوعي والشاعر الكبير توفيق زياد الذي يعد بحق الموجه ليوم الأرض الخالد، وسيرت المظاهرات الجماهيرية الحاشدة، غير آبهة بتهديدات الطغمة الحاكمة، ولا بالمظاهر العسكرية الواضحة التي كانت تنم عن الاستعداد لاستخدام الرصاص الحي لثني المتظاهرين السلميين عن الوصول لمقصدهم.
ونتيجة هذه المواجهة غير المتكافئة بين شبان ذوي صدور عارية، امتلكوا البسالة والارادة الصلبة على التصدي والمقاومة، وحب الأرض والاستعداد للدفاع عنها، وبين جنود احتلال تربوا على الحقد والكراهية والعنصرية واستسهال الضغط الزناد بقصد القتل اذا كان من يواجههم ينتمي للشعب الفلسطيني غير القابل للكسر او الانثناء، ارتقت ثلة من الشباب تقدموا صفوف المتظاهرين، نذكرهم اليوم واحدا واحدا بكل اعتزاز مقدرين لهم صنيعهم ومأثرتهم، مؤكدين لهم ان القضية التي ضحوا بحيواتهم من أجلها لا زالت حية، ولا زال هناك من يقبض عليها بكل ما أوتي من قوة، ويواصل بثبات اليوم السير على ذات الدرب الذي ساروا عليه، رغم الاهوال والصعاب، والدسائس ومخططات تصفية القضية الفلسطينية، في نسختها الاخيرة المتمثلة في ما يسمى ب “صفقة القرن” الرامية لتكريس الاحتلال “الإسرائيلي” للأراضي الفلسطينية وتهويدها نهائيا وطمس الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس.
إن الصراع مع المحتلين الصهاينة ومع اطماعهم التوسعية ومع حماتهم في الولايات المتحدة التي أضحت ضالعة بصورة مباشرة اكثر من اي وقت مضى في ادامة وإدارة هذا الصراع وفي تنفيذ هذه المخططات ، لن تكتب له نهاية، ما لم ينتزع الشعب الفلسطيني حقوقه كاملة غير منقوصة، وما لم ير النور توقه الازلي لبناء دولة وطنية مستقلة ذات سيادة قابلة للحياة والتطور وعاصمتها القدس، وما لم تعد الأرض إلى اصحابها التاريخيين والاصليين.
عاش يوم الأرض الخالد، والتقدير لمفجري هذا اليوم الذي اصبح احد المعالم الرئيسة للنضال الوطني الفلسطيني الممتد والمتواصل، والمجد والخلود لشهدائه الأبرار.