على غرار حركة الضباط الأحرار المصريين التي تشكلت في مصر بقيادة جمال عبد الناصر ردا على خيانة الإنجليز وتزويد الجيش المصري بالأسلحة الفاسدة في حرب 1948 تشكلت في الجيش الأردني أيضا حركة باسم حركة الضباط الأحرار الأردنيين كتوجه عام للتخلص من كلوب باشا والضباط الإنجليز الذين كانوا يقودون الألوية وبعض الكتائب لأن الضباط الأردنيين أدركوا خيانة الانجليز ودورهم في تسليم فلسطين للإسرائيليين ولكنها تبلورت عام 1951 كتنظيم بعد انضمام أربعة من ضباط الحركة لحزب البعث هم
1- شاهر يوسف أبو شحوت
2- محمود المعايطة
3- قاسم الناصر
4- تركي يوسف الهنداوي
وتم تسمية الحركة باسم (التنظيم السري للضباط الوطنيين في الجيش الأردني) ثم اتسع هذا التنظيم وأصدر نشرة بخط اليد حملت اسم (القنبلة) تولى تحريرها زهير مطر فامتدت الحركة إلى سلاح المدفعية والهندسة والدروع والميكانيك ووحدة المشاة وانتخبت عام 1952 قيادة كما يلي
1- شاهر أبو شحوت رئيسا
2- قاسم الناصر نائبا للرئيس
3- احمد زعرور أمينا للسر
4- تركي الهنداوي أمينا للصندوق
ووصلت أنباء التنظيم للجنرال كلوب الذي كان قائدا للجيش ومديرا للاستخبارات العسكرية والمباحث المدنية وعرف بنشاط الضابط على أبو نوار فقام بإبعاده ملحقا عسكريا بالسفارة الأردنية بباريس
وأثناء زيارة الملك حسين لفرنسا التقى بعلي ابو نوار الذي اطلعه على التنظيم وأن أهدافه
التخلص من الضباط الانجليز وإقامة وحدة عسكرية مع الجيش السوري فطلب الملك من كلوب نقله من باريس مرافقا عسكريا للملك بتاريخ 21كانون الاول عام 1956 وهكذا أصبح أبو نوار صلة الوصل بين الملك والضباط الأحرار.
وقد التقى الملك بقيادة هذا التنظيم عدة مرات في منزل الشريف (الأمير لاحقا) زيد بن شاكر وفي منزل علي أبو نوار ومن أجل تمتين العلاقة معهم قام بتعيين راضي عناب ومازن العجلوني مرافقين عسكريين لجانب أبو نوار
ورغم أن علي ابو نوار ادعى في مذكراته التي أصدرها عام 1990 أن لا وجود لتنظيم اسمه تنظيم الضباط الأحرار وان هذه التسمية وردت في بيانات وزعها الملحق العسكري المصري بعمان عام 1956 إلا أن هذا النفي يدحضه اعتقال أعضاء هذا التنظيم والزج بهم في سجن الجفر الصحراوي والذين سأذكرهم لاحقا بالاسم …
كانت النقطة الأبرز في تفكير الضباط الأحرار التخلص من الوجود الإنجليزي داخل صفوف الجيش وكانت كراهية الضباط الأحرار تبدو واضحة للضباط الإنجليز أنفسهم ومن طريف ما يروى أن المرحوم ضافي الجمعاني كان قائد سرية يقف أمام طابور السرية بأكملها ضباطها وضباط صفها وأفرادها بانتظار زيارة قائد الكتيبة الإنجليزي لتفقد السرية وحينما وصل كان يرافقه كلبه فاشتد غضب ضافي وأصدر أمره للسرية بالانصراف فورا مما أثار دهشة واستهجان القائد فسأله عن سبب هذا التصرف فقال له:
كنتم في الهند تضعون أقدامكم على ظهر الهندي لتمتطوا خيولكم أما هنا فتحضر معك كلبا يستعرض أبناء العشائر في المرة القادمة اربط كلبك في بيتك أو مكتبك قبل أن تأتي
وهذا الموقف يدلل على أن المواجهة اصبحت مباشرة بين الطرفين.
إذن كانت النقمة على بريطانيا عامة على المستويين الشعبي والعسكري وكان الملك حسين حينها في الحادية والعشرين من العمر لكنه كان يعرف مدى كراهية والده المرحوم الملك طلال للإنجليز فتم التنسيق مع الضباط الأحرار للتخلص من الجنرال كلوب أولا وأن يكون الضباط على أهبة الاستعداد في وحداتهم متيقظين لأي تحرك من قبل الضباط الإنجليز وأن يتم عقد مجلس الوزراء باعتباره صاحب الولاية العامة وفق النص الدستوري يوم الأول من آذار 1956 بحضور الجنرال كلوب وأبلاغه بقرار مجلس الوزراء بإعفائه من مهمته كقائد للجيش
ومن باب الاحتياط كان الملك حسين في قصر رغدان قد اتصل مع كلوب أثناء الاجتماع وقبل إبلاغ كلوب طالبا منه إرسال حرسه الى القصر لأن سيارات الموكب الملكي معطلة فانطلت المسألة على كلوب وتم تجريده من حرس موكبه الذي ما أن وصل القصر حتى تم اعتقالهم وفور إبلاغه القرار تم نقله إلى بيته وقطع كافة الاتصالات السلكية واللاسلكية معه وتطويق منزله بحراسة مشددة وإبلاغه بالاستعداد للسفر خارج البلاد.
وفي تمام الساعة السابعة من صباح اليوم التالي كان برفقة بهجت التلهوني الذي أوصله إلى مطار ماركا واقلعت به طائرة الداكوتا البيضاء إلى قبرص في طريقه إلى لندن
تلك الطائرة التي كان يفاخر بها أمام عودة ابو تايه بقوله (انا راعي البويضة اللي هزمت الخوين).
وفي نفس الاجتماع اتخذ قرار تعيين راضي عناب رئيسا للأركان.
من صفحة الرفيق محمد مشرف