عبّر سياسيون وحزبيون عن رؤاهم للمسار الديمقراطي عشية الانتخابات النيابية، وتقييمهم للأسس التي ينبغي ارساؤها لضمان نزاهة تلك العملية، وتعزيز التوجه الديمقراطي في الأردن.
وتوجهت “الجماهير” بعدد من الأسئلة لإلقاء الضوء على تقييم تلك الشخصيات لتطورات النهج الديمقراطي خلال السنوات الأربع الماضية، ومدى توافق الأنظمة والتشريعات الناظمة للعملية الانتخابية، وفي مقدمتها قانون الانتخاب مع الطموحات الوطنية لانتخاب مجلس نيابي ينهض بمسؤولياته الدستورية، وما هي المعوقات التي تعترض المشاركة الشعبية الفاعلة في الانتخابات، وما هي آفاق تطور الحياة السياسية والحزبية والبرلمانية في ضوء الانتخابات القادمة للمجلس النيابي، فكانت الإجابات التالية:

أمناء عامون: المسار الديمقراطي يتعثر
عبلة ابو علبة (الامين الأول لحزب الشعب الديمقراطي الاردني “حشد”)
قيمت أبو علبة تطورات النهج الديمقراطي بالقول عندما يغيب دور سلطة التشريع المدافعة عن قضايا الناس، فلا بدّ أن يحدث التراجع طالما أن إدارة السفينة مقتصرة على السلطة التنفيذية فقط والاجهزة التابعة لها.
وألقت أبو علبة الضوء على الطموحات الشعبية المتعلقة بقانون الانتخاب قائلة: تمّ تفصيل قانون الانتخابات المعمول به حاليا، من أجل إعادة انتاج الصوت الواحد، وللحيلولة دون فوز كتل برلمانية سياسية. هذا القانون الإقصائي يقف حجر عثرة في وجه التطور الطبيعي للحياة السياسية التي نطمح لها جميعا: أي مشاركة اوسع الاطياف السياسية في البرلمان من خلال كتل برلمانية قائمة على برامج وطنية محددة.
كل ما يمكن للقوى الديمقراطية والتقدمية أن تفعله: إضافة لمشاركتها في الانتخابات، هو أن تحدث اختراقات في هذا الجدار الصلب الذي يحمي فقط كبار الرأسماليين والمتنفذين في البلاد. الاصل أن تكون هناك تعديلات دستورية تنصّ صراحة على انتخاب السلطة التنفيذية وتداول السلطة، وعلى اساس ذلك يمكن ان يتم تشريع قانون انتخابات ديمقراطي يقوم على مبدأ الدوائر المغلقة والتمثيل النسبي الذي لا يصحّ إلا مع القوائم المغلقة.
وأوضحت أبو علبة المعوقات التي تعترض المشاركة الشعبية مضيفة: لعل أبرز هذه المعوقات، هو الصورة المرئية أمام الناس للدور القاصر لبرلمانات الصوت الواحد، حيث التشريعات منحازة لكبار الاغنياء ولفئات اجتماعية محددة بعينها ولمتطلبات صندوق النقد الدولي وفي متابعة القوانين الصادرة عن مجالس النواب المتتابعة منذ عام 1993 وحتى يومنا لا بد وأن نلحظ مثل هذه الظاهرة التي أحدثت ثقافة سلبية جداً لدى المواطن تجاه مجلس النواب.
من جهة اخرى فالأزمات الحادة التي يمر بها المجتمع الأردني، قبل جائحة الوباء وبعدها، تحيط بهمومها وآلامها معظم فئات المجتمع الأردني، حيث تنتشر على نطاق واسع ظواهر الفقر والبطالة والعوز وانسداد أفق التغيير.
وحول رؤيتها لآفاق تطور الحياة السياسية والحزبية والبرلمانية في ضوء الانتخابات النيابية القادمة، قالت: الآفاق محدودة طالما أن القانون المعمول به يشكل أداة للعودة إلى الوراء وليس للتطور إلى الامام. لقد قررت الاحزاب السياسية بمعظمها ان تشارك في الانتخابات النيابية القادمة ترشيحا وانتخابا ونأمل أن تتقدم الائتلافات والتحالفات الحزبية ببرامج وطنية لتخوض على اساسها الانتخابات. لنلاحظ مسألة هامة في الانتخابات السابقة للمجلس الثامن عشر، حيث ندر أن تقدمت قوائم ببرامج سياسية ووطنية، لأن القائمة المفتوحة تدفع المرشحين للاعتماد على منطق الانحياز الشخصي والفئوي الضيّق، وأكثر من ذلك فالمرشحون من كبار الاغنياء يعتمدون على شراء الاصوات بالمال، ويفوزون..!!
إن أفضل ما يمكن أن ينجزه المجلس النيابي القادم هو تغيير هذا القانون الاقصائي المتخلف واعتماد قانون على اساس القائمة الوطنية والتمثيل النسبي الشامل.
د. سعيد ذياب (الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية)
قال: لا أعتقد أن هناك نهجا ديمقراطيا تسير على أساسه الدولة الأردنية. كل ما هنالك أن انفراجا حدث بعد هبة نيسان. كان هذا الانفراج يضيق ويتسع حسب المعطيات السياسة، ودرجة تعارضها او اتفاقها مع المزاج الشعبي.
في السنوات الاربع الماضية، شهدنا تراجعا واضحا في الانفراج وتجاوزا ملحوظا على الحريات العامة وحريه الرأي، بسبب إصرار الحكومات المتعاقبة على تطبيق سياسات اقتصادية وقرارات تتناقض والمصلحة الشعبية. ولتمرير تلك القرارات والتوجهات السياسية عمدت الحكومة إلى أسلوب الاعتقال والتعسف في تطبيق القانون. وساهم قانون الدفاع في تمرير العديد من القوانين والإجراءات غير الديمقراطية.
وحول مدى توافق الأنظمة والتشريعات الناظمة للعملية الانتخابية، وفي مقدمتها قانون الانتخابات، مع الطموحات الوطنية لانتخاب مجلس نيابي ينهض بمسؤولياته الدستورية، أجاب د. ذياب: تكتسب انتخابات البرلمان التاسع عشر أهمية خاصة، كونها تتزامن مع بداية المئوية الثانية من عمر الدولة الأردنية، وحاجتها للظهور كدولة مؤسسات تشريعية وقضائية وتنفيذية، إضافة إلى حاجة الأردن إلى برلمان قوى قادر على مواجهة التحديات القادمة بعد أن فقد الشعب ثقته به بسبب ضعف أدائه وتقبله لتغول السلطة التنفيذية عليه.
هذا المستوى المتدني الذي وصله البرلمان ليس معزولا عن قانون الانتخاب الذي صمم اصلا لخدمة رموز العشائر والبيروقراط والمال السياسي لإبعاد الحضور الحزبي.
ولم تقف عوامل إضعاف البرلمان عند حدود القانون، بل إن الحضور الكثيف للمال السياسي والتدخل الحكومي الفظ، عوامل دفعت الناس إلى الوصول لحالة من اليقين بعدم نزاهة الانتخابات. كل ذلك يتطلب مناخاً وأرضية مختلفة للوصول إلى برلمان مختلف. وهذا يتطلب قانوناً مختلفاً، وعدم تدخل السلطة التنفيذية، ذلك أن شروط النزاهة لن تتحقق إلا من خلال قانون عادل وحياد حكومي.
إن الظروف التي تعيشها البلاد حاليا من احتقان وتوتر جراء كل النهج الاقتصادي ومخرجاته وغياب الثقة بالحكومة يجعل من إمكانية المشاركة الشعبية محدودة.
وبيّن د. ذياب المعوقات التي تعوق المشاركة الشعبية بالقول: ثمة معيقات قديمة وأخرى جديدة وطارئة. أشرت في ردي السابق إلى المعيقات القديمة، إلا أننا نعتقد ان هذه الأجواء الملبدة بغيوم قانون الدفاع واستثماره بصورة مغايرة للهدف الذي من أجله تم اقراره، ابتداءً من الاعتقالات مرورًا بحل نقابة المعلمين وليس انتهاءً بالتدخل المفضوح في النقابات المهنية.
كما أن غياب التشريعات التي تحد من حضور المال السياسي، وقناعة المواطن بغياب النزاهة الأمر الذي يحد من المشاركة في الانتخابات ويضعف الأمل بمجيء برلمان قوي قادر على القيام بدوره في الرقابة والتشريع.
وحول تصوراته أضاف د. ذياب آفاق تطور الحياة السياسية والحزبية والبرلمانية في ضوء الانتخابات القادمة لمجلس النواب؟
آفاق تطور الحياة الحزبية والبرلمانية مرهونة بمقدماتها. ما دام قانون الانتخاب على حاله وما دامت العملية الانتخابية برمتها مشكوك في نزاهتها وهو ما حصل في الدورات السابقة، وما دامت حريه التعبير غير مصانة، بل إن هذه المسألة تعقدت أكثر فأكثر بسبب قانون الدفاع. كل هذه العوامل تدفعنا للاستنتاج أن آفاق التغيير شبه مغلقة، وهذا يفرض علينا تكثيف نضالنا الجماهيري والديمقراطي لتغيير منظومة القوانين الناظمة للحياة السياسية وتوفير البيئة الانتخابية المناسبة النزيهة. والبيئة الحاضنة للعمل الحزبي. فقط بهذا المناخ يمكننا فتح آفاق التطور والحفاظ عليها مشرعة.
أكرم الحمصي (أمين سر حزب البعث العربي الاشتراكي الأردني)
الدستور الأردني ينص على أن الحكم في الأردن نيابي .. ملكي وراثي ومن هنا من المفروض أن تشكل الديمقراطية والنهج الديمقراطي القاعدة الأساسية في تكوين الدولة الأردنية وان يكون الشعب مصدر السلطات.
وأضاف نرى أن هناك تراجعا واضحا عن النهج الديمقراطي الذي بدأ بعد هبة نيسان 1989 كما جرى احتواء النهوض الشعبي الذي حصل بعدها ولم يحصل تبني مشروع سياسي اصلاحي ولم تتم الاستجابة للمطالب الشعبية بالإصلاح السياسي والاقتصادي ولم تجر كذلك تعديلات جوهرية على قوانين الانتخابات النيابية والأحزاب السياسية والقوانين المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين فلا زلنا بحاجة الى مشروع وطني اصلاحي متكامل الأركان
ان إطلاق حرية العمل الحزبي والمؤسسات المهنية والشعبية واعتبار الأحزاب الأردنية مؤسسات وطنية في الدولة ركيزة أساسية للتنمية الشاملة وبما يتوافق مع الدستور الأردني
وفي اجابته على سؤالنا حول مدى توافق الأنظمة والتشريعات الناظمة للعملية الانتخابية وفي مقدمتها قانون الانتخابات مع الطموحات الوطنية لانتخاب مجلس نيابي ينهض بمسؤولياته الدستورية قال:
على الرغم من قرار ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية بالمشاركة في الانتخابات النيابية القادمة 10/11/2020 ووفق برنامج وطني ديمقراطي خدماتي وقناعتها بعدم جدية الحكومة في مسيرة الاصلاح السياسي والاقتصادي وقوانينها فاننا نرى ان قانون الانتخابات الحالي قانون متخلف لا يحترم الأحزاب والديمقراطية والتعددية السياسية التي ننشدها والذي من المتوقع أن يأتي هذا القانون بمجلس نواب لن يختلف كثيرا عن سابقيه، ودعا الى وضع قانون آخر للانتخاب يعتمد الهوية الوطنية والمساواة والأخذ بمبادئ وقواعد الانتخاب النسبي والقوائم الحزبية البرامجية- ان الأصل أن تكون قائمة الوطن هي أساس العملية الانتخابية وهي التي تستند الى برنامج وطني بأبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية وان القاعدة الرئيسية لهذه القائمة وجود برنامج يعبر عن الهوية السياسية لهذه القائمة أو تلك.
وهذا ما سوف يؤدي الى برلمان تعددي وحكومات برلمانية والذي من شأنه كذلك ان لا يحول مجلس النواب الى مجرد مؤسسة خدمية تابعة للسلطة التنفيذية وفقدان وظيفته الرئيسية والأساسية في الرقابة والتشريع والمحاسبة.
وعدّد المعوقات التي تعترض المشاركة الوطنية الفاعلة وهي:
عدم ثقة الجماهير بالعملية الانتخابية ونزاهتها وما تفرزه من مجالس نيابية خدمية، تغول السلطة التنفيذية والأجهزة الامنية وتدخلاتها في الانتخابات النيابية، الوضع الصحي والوبائي لجائحة كورونا وتداعياتها، تأثير المال السياسي والتعصب العشائري، الوضع الاقتصادي والمعاشي لغالبية الناس ويأسهم من الاصلاح والتغيير
وحول آفاق التطور الديمقراطي قال: من المفروض ان يكون هناك حراك سياسي وشعبي خلال المرحلة القادمة ويكون هناك تعاضد وتبني لبرنامج وطني بديل للسياسات الرسمية القائمة على التبعية السياسية والاقتصادية وغياب الحريات الديمقراطية في البلاد وبالرغم من التباين والاختلاف بين ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية وخاصة في البعد القومي والأطماع الاستعمارية والإقليمية في المنطقة الا ان هناك تفاهماً وتناغماً واضحاً في البرنامج الوطني للإصلاح السياسي والاقتصادي في الأردن وكذلك في البعد الفلسطيني – قضيتنا المركزية – والتأكيد على ان الوحدة والمقاومة طريقنا لاسترداد حقوقنا المسلوبة.
وهي مرحلة مهمة لتعزيز وتشكيل إطار وطني جامع يضم الأحزاب والنقابات والهيئات الشعبية والشخصيات الوطنية لتفعيل العمل الوطني والشعبي والارتقاء بالعمل الجاد والمشاركة الواسعة بمسيرة الاصلاح في الأردن.
ولكن بصراحة لا نعتقد ومن خلال هذه الظروف الصحية الاستثنائية وقانون الانتخاب الحالي والظروف المعيشية والاقتصادية وعوامل أخرى أن تنتج لنا مجلس نواب كفؤ وقوي قادر على المحاسبة والرقابة والتشريع وممثل حقيقي لإرادة الشعب والاصلاح والتغيير ولكنها فرصة حقيقية لتجاوز كافة السلبيات التي صاحبت أطر التنسيق الحزبي السابقة والعمل كرافعة قوية لحركة وطنية ديمقراطية تقدمية تناضل من أجل أردن وطني عربي ديمقراطي حر.
سياسيون وحزبيون : يدعون الى قانون انتخابي ديمقراطي ومنصف

محمد المعايطة (عضو سكرتارية الملتقى الوطني للأحزاب والقوى والشخصيات القومية واليسارية)
شهد الاْردن بعد إنجاز المعلمين حقهم القانوني في تشكيل نقابة تمثلهم وتدافع عن حقوقهم ومصالحهم وانطلاق الربيع العربي بعض الإصلاحات السياسية ، لكن وخلال الأربع سنوات الماضية وبعد تفريغ الثورات العربية الشعبية من محتواها والالتفاف عليها ، عاد الاْردن الرسمي وانقلب على كافة هذه الإصلاحات والمنجزات من نقابة المعلمين والتعديلات الدستورية ، لا بل أمعن في الردة وتمثل ذلك بسن قوانين مقيدة للحريات وقمع كافة أشكال الحرية و التعبير عن الرأي والتضييق على الاحزاب والنقابات والتعسف في استعمال السلطة والتجاوز على القانون وأستعاض عن ذلك بتأسيس هياكل لمؤسسات ديمقراطية لمخاطبة الرأي العام الغربي واستجلاب المنح والمساعدات والعمل على تفريغ هذه المؤسسات من مضمونها ومحتواها الديمقراطي.
وأضاف الأردن كبقية الدول العربية التي تحارب العمل السياسي والحزبي السلمي والديمقراطي إلا أنه يحارب أي عمل جماعي منظم ومؤثر وقوي حتى لو كان عشائرياً أو جهوياً، من منطلق إيمان النخبة الحاكمة بعدم السماح لأي جهة أن تشاركها في السلطة، والقانون الحالي للانتخاب لا يختلف عن نظام الصوت الواحد بما هو أسوأ من ذلك حيث لا يسمح لأي من الأفراد والأحزاب بمشاركة واسعة في الانتخابات أمام أصحاب المال الأسود فهذا القانون مفصل بكافة بنوده لمصلحتهم. ولا شك أنه في حالة وجود قانون عصري يساهم في تشجيع المشاركة الشعبية في الانتخابات وعندها نرى ممثلين حقيقيين للشعب الاردني تحت قبة البرلمان
وحول أهم المعوقات للانتخابات قال تدخلات السلطة التنفيذية بطريقة مباشرة او غير مباشرة، وعدم وجود ثقة بمخرجات الصناديق أبعد الناس عن المشاركة في العملية الانتخابية، أيضاً القانون الحالي لا يعطي فرصاً متساوية بين الأفراد ولا يعزز مشاركة الاحزاب ولا يعطيها فرصة لتشكيل قوائمها وعرض برامجها بحرية كاملة، إضافة لذلك عدم وجود استقلال حقيقي للهيئة المشرفة على الانتخابات لا تشكيلاً ولا أجراءً
واختتم المعايطة حديثه بالقول: بأي حال من الأحوال وجود عدد الأصوات الديمقراطية داخل مجلس النواب القادم مهم، لكن ذلك لن يغير في الحياة السياسية الاردنية، لان هناك جملة من العوائق ما زالت عقبة في وجه العمل السياسي مثل الحريات العامة وقانون انتخاب تقدمي وقانون أحزاب وقانون وترسيخ مفهوم سيادة القانون والمشاركة الشعبية والفصل بين السلطات والمساءلة والنزاهة ومكافحة الفساد.
محمد البشير (عضو سكرتارية الملتقى الوطني للأحزاب والقوى والشخصيات القومية واليسارية)
انتقد التراجع للمسار الديمقراطي وأضاف: اتسمت السنوات الاربع الماضية من عمر الأردن بتراجع مريع عن ما سبقه من سنوات حملت مؤشرات بوادر إصلاح سياسي، اذ كان للتعاطي مع قانون الجرائم الالكترونية واستخدامه في تكميم الافواه، والادعاء على الحراكيين، تجلياً لهذا التراجع كما كان للتفرد في الرأي واهمال دور الاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني في المشاركة بصنع القرار ورسم خارطة طريق لمستقبل أفضل للحياة الديمقراطية تأكيد لهذا التراجع. فرغم وجود مجلس امة (نواب واعيان) ومحكمة دستورية واحزاب ونقابات …الخ الا ان غياب دور فاعل لهذه المؤسسات في ظل انفراد الحكومة ودوائر اخرى في صياغة القرار الاستراتيجي واليومي والتغول على هذه المؤسسات غيّب من الممارسة الديمقراطية خلال السنوات الاربع الماضية كما هو الحال للسنوات التي سبقتها.
وحول رؤيته للتشريعات، أضاف أن التشريعات الناظمة للانتخابات تعتبر المظلة الاهم في العملية الانتخابية، لكننا ونحن نشهد مرحلة سابقة وحالية تم فيها تغييب القانون على اكثر من صعيد حيث ان سيادة القانون اصبحت ثانوية, فالنظام الانتخابي الذي يمثل جوهر القانون ما زال اضعف من ان يفضي الى انتخابات حرة ونزيهة، فرغم إنشاء الهيئة المستقلة للانتخابات ووضع نصوص تحاسب على استخدام المال السياسي في العملية الانتخابية مثلاً بقي خطر تزوير صوت الناخبين ماثلاً في المشهد الانتخابي دون ردع، الا ان من يمتلك قرار التنظيم، الجداول، الاشراف والمتمثل بتحالف رأس المال والطبقة السياسية التقليدية التي تحميها الاجهزة الامنية المختلفة، يحول دون ان ننتج مجلساً نيابياً قادراً على بناء دولة القانون والانتاج والرفاه التي نحلم .
أما بخصوص المعوقات التي تحول دون المشاركة الشعبية الفاعلة فقال انها كثيرة وأهمها يكمن في تخريب وعي الناس لأهمية الصوت الذي يدلون به، فمن حيث لا يدري الناخبون فانهم وبتفاعلهم مع المنظومة السائدة يعطون شرعية للممارسات المخالفة للقانون من جهة وينتجون مجلساً يكرس واقعاً مريراً لأردننا من حيث الممارسة السياسية او غيرها من الممارسات الاخرى، فالواسطة والمحسوبية والفساد انتجت طبقة من المتحكمين برقاب الناس ومستقبلهم بشكل عام.
وحول رؤيته لآفاق تطور الحياة السياسية والحزبية والبرلمانية في ضوء الانتخابات القادمة قال: ضمن السياق اعلاه من حيث انسداد الافق نحو الاصلاح الشامل، فإن المسؤولية التي تقع على عاتق الاحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات العامة تصبح أكبر عبئاً وحجماً بحيث ان هذا الحراك الانتخابي يفرض على الجميع التكاتف من اجل التوعية بأمانة الصوت واهميته في انقاذنا مما نحن فيه من ازمات، وبذات الوقت يصبح من واجب كل القوى الوطنية فضح الممارسات غير الديمقراطية السائدة، بما في ذلك شراء الاصوات والانتخاب حيت العائلة والقرابة داخل العائلة او المنطقة …. الخ.
وأضاف من المظاهر السلبية التي اوصلتنا اليها الحكومات المتعاقبة، يتمثل بإنتاج دولة تعاظمت اعباؤها والتزاماتها وامراضها، ما زالت اسبابها الرئيسية تتجلى بالممارسات الخاطئة عند الادلاء بأصواتنا لانتخاب ممثلينا في السلطة التشريعية صاحبة الحق في وضع القانون الذي نريد وانتاج السلطة التنفيذية الحافظة لنفاذه، باعتبار ان الاستحقاق الدستوري للانتخابات البرلمانية واجب وطني يفضي الى كل ما نريد من صلاح حقيقي لوطننا.
الدكتور محمد نعمان (طبيب اطفال وناشط سياسي والمرشح الوطني على الدائرة الأولى عمان)
المتابع لمجريات الأحداث في بلدنا يستطيع الجزم بأننا نسير في الاتجاه الخاطئ حيث يلحظ الانقضاض الهائل والتراجع الدائم في مستوى الحريات العامة “حرية الرأي والتعبير والتجمع ،الحريات الصحفية والنقابية والمطلبية….وتجليات هذا التراجع والانقضاض على الحريات ظهر جليا بحل مجلس نقابة الأطباء وتعيين لجنة مؤقتة برئاسة وزير الصحة لإدارة النقابة وعدم السماح للأطباء بعقد الهيئة العامة، وانتخاب مجلس نقابة جديد تحت ذريعة قانون الدفاع الذي يسمح بإجراء الانتخابات النيابية ويمنع انتخاب نقابة الأطباء، وما جرى أخيرا من حل مجلس نقابة المعلمين واعتقال أعضاء مجلس النقابة المنتخبين إلا دليل على رغبة الحكومة والسلطة التنفيذية في الاستمرار في هذا النهج المدمر واستمرائها لنهج القمع والاعتقالات وتضييق الحريات على عموم القطاعات الشعبية.
ودعا د. نعمان الى ضرورة استبدال قانون الانتخاب الحالي بقانون انتخاب عصري يواكب التطورات الجارية في دول العالم التي تتبنى قوانين صديقة للأحزاب والعمل الحزبي، ويفرز مجلس نواب يعبر بشكل حقيقي عن مصالح وطموحات شعبنا في الانتقال الى مرحلة سياسية جديدة عنوانها الحكومات البرلمانية وتبادل السلطة.
ووصف قانون الانتخاب الحالي بأنه قانون مضخم لقانون الصوت الواحد ولا يساعد على فرز مجلس نواب قوي وفاعل وهذا ما ترنو اليه حكوماتنا المتعاقبة لذا وجب على كل القوى الحية الاستمرار في النضال من أجل العمل على تغيير هذا القانون. وأنا شخصيا من أنصار القائمة النسبية المغلقة على مستوى الوطن.
وقال د. نعمان إن قانون الانتخاب الحالي الذي يرسخ الصوت العشائري ويفتح المجال واسعا أمام نواب المناطق والخدمات والمال الأسود، وبعد ذلك يأتي فقدان الثقة من الأغلبية بصحة ونزاهة العملية الانتخابية برمتها وتغول السلطة التنفيذية والجهات الأمنية في كل تفاصيلها ومخرجاتها، وبالتأكيد أن الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعيشها أبناء شعبنا تدفع الأغلبية الى عدم الاندفاع بل الى عدم الاكتراث في مجمل العملية الانتخابية.
وأكد د. نعمان أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا تطغى على معظم المشهد الماثل أمامنا وتزيده ضبابية، وسوء أداء مجلس النواب الأردني أضاف عناوين كبيرة لعملية الإحباط التي يعاني منها شعبنا، لكن في أكثر البرلمانات رجعية وجب علينا النضال من أجل التغيير “هكذا يقول لينين”، لذا فإننا لا نمتلك ترف الانتظار أو المقاطعة وعلينا العمل من أجل خوض العملية الانتخابية لإيصال أكبر عدد من الشخصيات والرموز الوطنية وممثلي الأحزاب الى قبة البرلمان من أجل الدفاع عن مصالح شعبنا في الحرية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية وتجذير الديمقراطية ودولة المؤسسات.
محمد مشرف الفقهاء (عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأردني) قال:
خلال السنوات الأربعة الماضية جرى تضييق ملحوظ على الحريات العامة حيث كثرت الاستدعاءات الامنية للعديد من الحراكيين والشخصيات الحزبية والوطنية وجرى تفعيل قانون الجرائم الالكترونية كحجة لمزيد من خنق الحريات والتحويل لمحكمة أمن الدولة خاصة مع تراجع دور الصحافة الورقية والتوجه لوسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن الرأي
أما فيما يتعلق بقانون الانتخابات فقد بقي على ما هو دون تعديل أو تبديل رغم المطالبة الشعبية والحزبية بتغييرة إلا ان الحكومات المتعاقبة لم تعر إذنا صاغية لكل هذه المطالب رغم ما كشفه مركز راصد عن عيوب كارثية في أداء النواب الذين جاؤوا للمجلس بالمال السياسي.
ولما كانت الأردن تعيش أزمة اقتصادية حادة تعمقت بشكل غير مسبوق بفعل وباء كوفيد 19 (كورونا) وقد تصل هذه الأزمة إلى ذروتها بشكل طاحن خاصة مع عودة الأردنيين العاملين في الخليج والتحالف الخليجي الإسرائيلي الذي سيؤدي بكل تأكيد الى مزيد من الضغط السياسي على الأردن بشأن صفقة القرن وحل القضية على حساب الاردن الامر الذي يتطلب كل جهد وتكاتف بين القوى الحزبية والشخصيات الوطنية من اجل انجاح مجلس نيابي على قدر مسؤولية المرحلة.