انتقد د. موسى العزب عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية الدعوات المنادية بمقاطعة الانتخابات، وفند الأبعاد الكامنة وراء هذه الدعوات، في مقالة ننشرها في “الجماهير” جاء فيها:
بداية أصدقائي الأعزاء، كل التفهم لموقفكم الذي يدعو للمقاطعة. وللمصداقية؛ فقد كان خيار المقاطعة موضوعا أيضا على طاولة النقاش في اجتماعات المكتب السياسي، ثم في اجتماع اللجنة المركزية للحزب، وخضع لنقاش معمق وواسع ومسؤول، قبل أن تُقر المشاركة حسب الآليات الديمقراطية المعتمدة في هيئات الحزب.
لن أنطلق هنا من ترديد بديهيات مثل:
الأصل هو المشاركة، أو أن المشاركة هي استحقاق دستوري، فهذا معروف للجميع، كما أننا نعرف بأن الحزب قد قاطع انتخابات برلمانية سابقة، كما شارك في أخرى، وفي مختلف الحالات، كان قراره يرتكز على قراءة تعبر عن موقف سيادي، وتقديم المصلحة الوطنية العليا على المصالح الحزبية الضيقة، والحزب يمتلك تجربة وخبرة متراكمة وهامة في هذا المجال.
وللحقيقة نرى، بإن الإرث النيابي السلبي المتراكم، وضعف المجالس المتوالية، قد شكلا عامل شد سلبي، كما شكلا عبئا كبيرا على أكتاف القوى السياسية -المعارضة والموالية على السواء – وأدخلا المجتمع في حالة من الإحباط المعيق، انعكس على نسب المشاركة المتدنية جدا، وحالة من الاستنكاف الواسع، خاصة في الحواضر الكبرى.
ومنذ انتشار وباء كورونا، تُسعِّر السلطة التنفيذية من سلبية هذا المناخ، وتقوم بتجميد عمل السلطة التشريعية العاملة، طوال ستة أشهر حتى الآن، وتقصيها بالكامل عن دورها الرقابي والتشريعي، وتستهدف المؤسسات المجتمعية وتبطش في نقابة المعلمين، في مرحلة حرجة جدا من تاريخ البلاد.
أمام جملة الظروف القاهرة التي تمر بها بلادنا، وتجربة قانون الانتخاب السيء. لا توجد لدينا أوهام تجعلنا نعتقد بأن تغيرات جوهرية يمكن أن تطرأ على التركيبة النيابية القادمة، ولا حتى بزيادة نسبة المصوتين. كل هذه نراها حواجز معيقة، تشكل عوامل طرد سياسي، ولكننا اعتبرناها -من جانبنا – بأنها تشكل، تحديات حقيقية أمام القوى السياسية تضعها أمام خيارات صعبة، أقلهما ضرراً؛ المشاركة في الانتخابات، وانتزاع حقنا -نحن والقوى الشريكة والحليفة – بإيجاد منابر ومنصات عمل ونقاط اشتباك سياسي في الميدان، وتفويت فرصة السلطة التنفيذية في محاولاتها لفرض وصايتها على القوى السياسية، أو تغييب القوى الفاعلة عن المشهد السياسي الوطني بالكامل.. لذلك نرى بأن فعل المشاركة في الانتخابات:
– من شأنه تجويد العملية الانتخابية للصالح الوطني العام، والإسهام في توفير فرصة تنتج تراكما إيجابيا في الارتقاء بالحالة السياسية والاجتماعية المغيبة، فتكثيف نشاط القوى السياسية الفاعلة من أحزاب ونقابات وفعاليات وطنية، يشكل أداة ضرورية، وفرصة حقيقية لتعرية السياسات الحكومية، وتفعيل الحراك الشعبي، واستنهاض الحالة الجماهيرية، وتحريك المياه الراكدة في أوصال الفعل السياسي.
– توفير فرصة لحضور الكوادر الحزبية الواعية والمجربة، والارتقاء بأدائها، والقيام بجهود هادفة لإيصال عدد من الأصوات الواعية والفاعلة والنزيهة إلى المجلس النيابي.
تؤمن الأحزاب السياسية، بأن المشاركة في الانتخابات، تعتبر محطة هامة في سياق العملية السياسية المتواصلة، ويهمها في هذه المحطة،
أن تكون وسط المواطنين مهما كانت توجهاتهم.. تقدم لهم برنامجها، وتعرفهم بكوادرها الشبابية ودرجة وعيهم والتزامهم بقضايا الشعب والوطن، وتأتي العملية الانتخابية أيضا، لسبر حجم الحضور الحزبي على المستوى الوطني*.
نشارك في الانتخابات لنقول بصوت عالٍ: بأننا نرفض كل سياسيات التحالف الطبقي الحاكم، واستمراره في التحكم برقاب البلد والناس، ونسعى إلى تحويل ضعف ثقة المجتمع بسياسات هذه الطبقة، وانكشاف فسادها،
إلى حالة نقمة واعية على طريق التحرك نحو الخلاص والنضال من أجل إصلاح اقتصادي وسياسي حقيقي، ومن أجل انتزاع الحرية، وتوفير لقمة العيش الكريمة، والحق بعلاج عادل وتعليم مجاني، والتقدم والسيادة الوطنية*.
نذهب إلى المشاركة وأمامنا وطأة التحديات الوطنية الملحة على الكيان والوطن الأردني، والمتمثلة بالخطر الصهيوني الملموس، وصفقة القرن، وما يتفرع عنها من مفاعيل، ونشارك:
من أجل تجميع الجهد الوطني، ضد ضم أراضٍ في الضفة الغربية، بينها غور الأردن، ومواجهة أخطار الترانسفير، والوطن البديل، وصفقة الغاز، ومفاعيل معاهدة وادي عربة. تحديات تستوجب أن تكون كل القوى الوطنية في الميدان، وتعمل بين الناس ومعهم، بمسؤولية عالية، لتصليب وتعزيز الموقف الوطني الجامع والواعي والفاعل، لحماية الوطن ووحدته وسيادته.
ضمن هذا الفهم يذهب الحزب إلى المشاركة في الانتخابات البرلمانية، وسوف يسعى بكل جدية وقوة لكي تكون مشاركته فاعلة ومسؤولة، عبر قيام شراكة وتحالفات وطنية برؤى سياسية متقاربة، وتشكيل قوائم انتخابية تعكس هذه الرؤى وهذا البرنامج.