على مدى ثلاثة أيام جرت مداولات الاجتماع الاستثنائي للحوار بين الأحزاب السياسية في الصين والدول العربية عبر تقنية الفيديو كونفرنس. وقد حضر اللقاء قياديون يمثلون 60 حزباً سياسياً عربياً من مختلف التيارات (الشيوعية والقومية والإسلامية) الى جانب مسؤولي لجنة العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني ومسؤولين حزبيين في عدد من المقاطعات الصينية، من بينها مدينة أوهان التي شهدت انتشاراً واسعاً لوباء كورونا.
وقد بذلت لجنة العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني جهوداً كبيرة لإنجاح الحوار الذي جرى تحت شعار “العمل يداً بيد على بناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية”.
وقد تليت في مستهل الجلسة الافتتاحية للاجتماع الاستثنائي لمؤتمر الحوار برقية التحية التي وجهها للمجتمعين الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني، رئيس جمهورية الصين الشعبية الرفيق شي جين بينغ التي أشاد فيها بعلاقات الصداقة القائمة بين الشعب الصيني والشعوب العربية التي تعود الى العصور القديمة، وبالتعاون الذي تم فيما بيمها لمواجهة جائحة كورونا، مؤكداً على أن هذا التعاون فتح فصلاً جديداً في بناء مجتمع المصير المشترك للصين والدول العربية.
وقد ألقى الرفيق سونغ تاو رئيس دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني كلمة جاء فيها أن مبادرة الحزب الشيوعي الصيني لعقد هذا الاجتماع الاستثنائي عشية احتفال الحزب بالذكرى الـ 99 لتأسيسه تهدف الى العمل مع جميع الأحزاب السياسية على حشد التوافق السياسي وتوطيد التضامن والتعاون بين الجانبين الصيني والعربي والعمل يداً بيد على بناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية في العصر الجديد. وفي سياق كلمته طرح الرفيق سونغ أربع مقترحات يمكن تلخيصها في التالي:
– حماية العدل والإنصاف الدوليين من أجل دفع بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية
– تعميق التعاون في مكافحة الوباء من أجل دفع بناء مجتمع الصحة المشتركة للبشرية
– تعزيز التوجيه السياسي من أجل دفع إقامة العلاقات من نمط جديد بين الحزب الشيوعي الصيني وأحزاب الدول العربية
– تعزيز التواصل بين الشعب الصيني وشعوب الدول العربية من أجل دعم التبادل والاستفادة المتبادلة بين الحضارتين الصينية والعربية.
وفي إطار مفهوم بناء مجتمع مصير مشترك للصين والدول العربية في العصر الجديد، تحدث خلال الاجتماع أكثر من 60 من قادة الأحزاب السياسية من الدول العربية، وستة من قادة الدول العربية، من بينهم الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني.
وعبر المشاركون العرب عن اتفاقهم مع تقييم شي الإيجابي للشراكة الاستراتيجية بين الصين والدول العربية، معربين عن تقديرهم البالغ لالتزام الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية بمنح الأولوية للشعب في مكافحة مرض كوفيد-19، وبتعزيز التعاون الدولي بشكل فعال في مكافحة المرض.
هذا وقد تمثل حزبنا في اللقاء بنائب الأمين العام الرفيق نضال مضية، وفيما يلي نص كلمته:
الرفيق العزيز سونغ تاو / وزير دائرة العلاقات الخارجية للحزب الشيوعي الصيني
الرفاق ممثلو الحزب الشيوعي الصيني
الرفاق والأخوة ممثلو الأحزاب السياسية في العالم العربي
يسعدني أن أنقل اليكم تحيات اللجنة المركزية لحزبنا الشيوعي الأردني، متمنياً لهذا اللقاء الهام أن يخرج بالنتائج المتوخاة، بما يسهم في تعزيز التفاهم وتقارب الرؤى حيال القضايا المؤرقة التي تولدت عن جائحة كورونا والتي أضافت أزمة اقتصادية اجتماعية جديدة الى سلسلة الأزمات التي تعاني منها البشرية منذ عقود طويلة والتي تستفحل وتتفاقم تحت ضغط وتأثير الأزمة البنيوية الخانقة للنظام الرأسمالي العالمي والسياسة العدوانية وطموحات الهيمنة المتفردة التي تنزع اليها على الدوام الولايات المتحدة، وخاصة في ظل الإدارة الحالية.
أيها الرفاق والأخوة الأعزاء
ينعقد لقاءنا عشية استعداد الرفاق الصينيين للاحتفال بالذكرى التاسعة والتسعين لولادة حزبهم المجيد الذي سطر تجربة ثورية زاخرة بالعبر والدروس وراكم تجربة ثورية غنية لا يمكن لأي حركة تقدمية في عالم اليوم، وخاصة في عالمنا العربي أن تستغني عن عبرها ودروسها الملهمة وفائقة الأهمية.
لقد حقق الشعب الصيني الصديق تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني إنجازات وقفزات نوعية في شتى مجالات الحياة، تحولت الصين في اطارها وسياقها من دولة متخلفة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً الى دولة متقدمة توظف العلم والتقنيات الدقيقة في مكافحة الفقر وخدمة التنمية الشاملة ورفاهية الانسان، وأصبحت تنافس أكثر الدول تقدماً في العالم على المركز الأول في العديد من المؤشرات الاقتصادية والعلمية وتلبية الاحتياجات المتزايدة للجماهير من سلع الاستهلاك الشعبي الواسع.
ويواصل طليعة الطبقة العاملة الصينية اليوم السهر على تنفيذ البرامج والسياسات التي أقرتها اللجنة المركزية للحزب والرامية الى استكمال بناء القاعدة المادية – التكنولوجية لمجتمع الرخاء والعيش الرغيد في ظل النظام الاشتراكي.
أيها الرفاق الأعزاء لقد استمعنا في مستهل هذه الجلسة الافتتاحية الى برقية التحية التي توجه بها الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني، ورئيس جمهورية الصين الشعبية الرفيق شي جين بينغ لقد عبرت البرقية عن حرص الحزب الشيوعي الصيني على تطوير وتعزيز عرى الصداقة التقليدية بين شعوبنا العربية والشعب الصيني الصديق، وعلى اهتمام جمهورية الصين الشعبية بتعميق التعاون الاقتصادي بين بلداننا المستند الى مبدأ المنفعة المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وعلى قاعدة الشراكة في إطار مشروع “الحزام والطريق”، بما يخدم مصلحة شعوبنا وتوقها لتحقيق التنمية الاقتصادية – الاجتماعية المستدامة والاستفادة من تجربة الصين الشعبية في مكافحة الفقر الذي يضرب عميقاً في مجتمعاتنا العربية كافة، وتعزيز منعتها الاقتصادية وتطورها المستقل وهذا كله يشكل خياراً بديلاً للعلاقات القائمة بين بلداننا العربية والمراكز الرأسمالية على أساس التبعية والاستغلال.
إننا نتوجه بالتقدير العميق للقيادة الصينية التي عبرت في برقية التحية عن الاستعداد لمواصلة تقديم الدعم للشعوب والبلدان العربية لتمكينها من محاصرة وباء كورونا، وتجاوز الآثار الاقتصادية التي نجمت عنها، وللتأكيد على الشراكة بين الصين والبلدان العربية في الجهود المبذولة.
الرفاق الأعزاء
إن جائحة كورونا التي أصابت العالم أجمع لم يعد بمنأى عن تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية أي بلد وأي شعب من شعوب العالم أجمع.
والتصدي لهذه الجائحة على النطاق العالمي لا يمكن أن يتم الا بتعاون كافة دول وشعوب العالم.
لقد قدمت الصين نموذجاً يحتذى به على الصعيد الكوني فيما يتعلق بالمواجهة الجادة لهذه الجائحة. فهي على الصعيد الوطني وظفت التقنية والعلم لمواجهة هذه الكارثة وبذلت جهوداً جبارة للتصدي لهذه الجائحة ومحاصرتها والتغلب عليها بجهود فردية وبدون مساعدة من أحد. لقد تم توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في إيصال المواد التموينية للعائلات أثناء فترة الحجر الصحي وعدم التجول، تم استخدام هذه الأجهزة والمعدات التقنية العالية الجودة لتأمين الدواء وقياس درجات الحرارة، وهذا مكن الصين من أن تلعب دوراً رائداً في التصدي لهذه الجائحة.
وعندما نجحت الصين في محاصرة الوباء، انتقلت سريعاً لتقديم الدعم للعديد من شعوب العالم التي اجتاحتها هذه الكارثة وتسببت في متاعب صحية لمئات الآلاف من مواطنيها، وكذلك في شلل للحياة الاقتصادية والتجارية. وقد تبين ان العديد من بلدان العالم وخاصة الدول الأوروبية لم تكن على قدر من الجاهزية لمواجهة هذه الكارثة. والصين لم تتوان رغم كل الاختلافات والخلافات على الصعيدين السياسي والأيديولوجي عن تقديم مساعدات سخية، منزهة عن الغرض لإسبانيا وإيطاليا وصربيا وفلسطين والجزائر وللعشرات من دول العالم التي كانت بأمس الحاجة الى هذه المساعدات الطبية المنزهة عن الغرض.
لقد قدمت الصين الى جانب كل من روسيا وكوبا المستلزمات الطبية وأجهزة التنفس الاصطناعي وتعقيم العديد من المنشآت الحيوية. والان ينتصب امام الصين وأمام العديد من شعوب العالم ليس فقط العمل بصورة جماعية لمواجهة تداعيات هذه الكارثة على الصعد الاقتصادية والاجتماعية بل بات يتطلب منها العمل على معافاة الاقتصاد العالمي الذي لم ينجُ أي مرفق من مرافقه من هذ التداعيات.
إننا في البلدان العربية وفي الأردن بالتحديد نتطلع الى أوسع تعاون مع جمهورية الصين الشعبية ومع العديد من الدول المستعدة لتقديم الدعم في المجال المالي والاقتصادي لتجاوز آثار هذه الجائحة، لان أي تقاعس عن هذا التعاون المشترك والجهد الجماعي سيصيب كل بلدان العالم بمخاطر جمة. وبالتالي مطلوب منا جميعاً، من القوى التقدمية والديمقراطية ومن شعوب العالم كافة بغض النظر عن أي اختلافات وتباينات فيما بينها أن تُعمل الجهد والتفكير الجماعيين فيما يتعلق بمواجهة كل هذه التحديات.
وفي هذا السياق يدين حزبنا ويستنكر بشدة حملات التحريض التي تتعرض اليها جمهورية الصين من جانب قوى دولية في هذا العالم، وخاصة من جانب الولايات المتحدة الامريكية. ونعتقد أن هذا الموقف الأمريكي سواء من جمهورية الصين الشعبية ومن سياساتها ومواقفها والإجراءات الفعالة التي اتخذت، وكذلك من منظمة الصحة العالمية يقوض هذه الجهود الجماعية.
وبالتالي نحن نطالب الولايات المتحدة بان تكف هذه الممارسات وعن تحميل مسؤولية تقاعسها للغير ونطالب بتوحيد طاقات وجهود كافة شعوب ودول العالم من أجل التصدي لجائحة كورونا ولما أفرزته من عواقب وخيمة على الاقتصاد والتجارة العالمية.
كما وندين محاولات الدول الامبريالية، وخاصة الولايات المتحدة لزعزعة استقرار الصين وتغزية الاضطرابات المصطنعة في بعض مناطقها، وخاصة في هونغ كونغ وشينغ يانغ، وهو ما يشكل تدخلاً فظاً غير مقبول في شؤون الصين الداخلية.
ان هذا النهج الامبريالي العدواني يهدف من وجهة نظرنا الى تعطيل او إعاقة جهود جمهورية الصين الشعبية لإنجاز برامج التنمية الاقتصادية – الاجتماعية، واسعة النطاق والتأثير، والحد من قوة المثال والنموذج الجاذب الذي تمثله الصين اليوم على الصعيد العالمي.
فتحية الى جمهورية الصين الشعبية والى الحزب الشيوعي الصيني على ما بذل من جهود في مواجهة هذه الجائحة على الصعيد الوطني على المساعدات التي قدمت والمستعد لتقديمها في المستقبل للعديد من شعوب العالم ومنها شعوبنا العربية.