معظم القوى السياسية في الأردن كانت وما زالت تدافع عن الحريات العامة وتطالب بتثبيت الالتزام بها كقاعدة للحياة العامة. وان الجهات السياسية التي كانت تعتدي أو تحرض على الاعتداء على الحريات العامة ساهمت بشكل فعال في خلق الصعوبات والمشاكل السياسية والاقتصادية التي عانت وتعاني منها البلاد.
فالحريات العامة للمواطنين حق ضمنه الدستور الأردني، وإن تقليص هذه الحريات كان وما زال تجاوزاً للدستور. فقد جاء في البند 2 من المادة السابعة من الدستور بأن كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون. كما جاء في أكثر من مادة في الدستور بأن الدولة تكفل حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والنشر وحق تكوين الجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية على أن تكون وسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف أحكام الدستور.
ومن الجدير بالذكر أن الدفاع عن الحريات العامة والنضال من أجل صيانتها كان وما زال من أهم أسباب المطالبة بالإصلاح السياسي.
وقد جرى تجاوز واضح على الحريات العامة في فترات مختلفة من تاريخ الأردن، الأمر الذي أجج النضال الوطني بوسائل متعددة دفاعاً عن هذه الحريات. وكان جوهر الفترة العرفية مصادرة الحريات العامة والاعتداء عليها. ولكن النضال الوطني والتفهم الحقيقي لطبيعة التطور ساهم في الغاء الاحكام العرفية من جهة والسير التدريجي على طريق صيانة الحريات بشكل عام.
وفي المرحلة الحالية التي يمر فيها الأردن بعد انفجار جائحة كورونا والتوقعات اللاحقة سياسياً واقتصادياً والتي أصبحت تتطلب أوسع تماسك وطني لحماية أمن البلاد والسير في طريق بناء أو تعميق أسس الاعتماد على الذات في المجالين الاقتصادي والسياسي، ومواجهة مختلف التحديات، لا سيما التحديات السياسية، وتلك النابعة من الأطماع العدوانية للعدو الصهيوني، نقول في هذه المرحلة تصبح الحريات العامة أداة فعالة للحشد الوطني من جهة والوسيلة الفعالة لمواجهة مختلف التحديات. ومما يؤسف له، ويبدو أمراً غير مفهوماً، أنه بدلاً من توسيع قاعدة الحريات العامة وزيادة الالتزام بها، يجري التجاوز عليها بشكل مكشوف.
فما معنى توقيف شخصيات قيادية في أحزاب سياسية وشخصيات عامة، نختلف معها أو نتفق وتكرار حالات الاستدعاء لنشطاء في الأحزاب السياسية وحراكات شعبية، واتخاذ خطوات عملية في إطار التضييق على الحريات الصحفية وحرية التعبير!!!.
فهل هذه الإجراءات تتناسب مع الحاجة الملحة لتعزيز الموقف الوطني العام في مواجهة التحديات الخطيرة. وما هو الهدف لبعض عمليات الاعتقال والتوقيف التي من شأنها تفجير الغضب الشعبي في الوقت المطلوب عكس ذلك تماماً.
إننا في الوقت الذي نستنكر فيه هذه الإجراءات، نطالب بإطلاق سراح جميع المعتقلين لأسباب سياسية وفكرية ووقف عمليات ملاحقة الدكتور سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية. ونطالب بأن تخضع المواقف من القوى السياسية والاجتماعية الى الإجراءات القانونية العادلة وليس الى الأساليب الزجرية والعودة الى مرحلة الاحكام العرفية!!!.