لا تترك الهيئة المستقلة للانتخابات ومن يقف الى جانبها وخلفها فرصة الاّ وتؤكد أن انتخابات المجلس النيابي التاسع عشر ستجري في موعدها. وفي ظنها أن ما من شيء سيؤثر على تنفيذ هذا الاستحقاق الدستوري الهام في موعده. وهي على ثقة أيضاً، أنها قد تحوطت لكل الاحتمالات ولم تترك شاردة ولا واردة الاّ وحسبت حسابها.
ومع ذلك لتسمح لنا الهيئة الموقرة بإبداء بعض الملاحظات الأساسية والتي لا يجوز التغافل عنها أو الاستخفاف بها. فمن الواضح أن المنحنى الوبائي آخذ في التصاعد حتى في ظل درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير مسبوق.
وتؤكد تنبؤات الاخصائيين أن الفترة القادمة ستشهد انتشاراً غير مسبوق للوباء، وهو ما يتطلب تشديد الإجراءات الوقائية والتشدد في تطبيق البروتوكولات الصحية التي تتضمن منع شتى أشكال التجمعات التي تزيد عن عشرين شخصاً. وإزاء هذا الوضع يستحيل تنفيذ حملات دعاية انتخابية، والتواصل مباشرة مع جمهور الناخبين، وشرح مضامين البرامج الانتخابية وحث الناس على ممارسة حقهم بالاقتراع على أساس هذه البرامج، وليس على أساس إنعاش أشكال العصبية العشائرية أو الجهوية أو المناطقية.
وهذا الواقع يعوق الأحزاب ومن يخوض الانتخابات على أساس سياسي وبرامجي من تسييس العملية الانتخابية، الأمر الذي يعبد الطريق أمام وصول مرشحين رصيدهم الأساس يتشكل على قاعدة الاهتمام بتحسين مستوى الخدمات في مناطق سكناهم، وستنتعش فرص استخدام المال السياسي ونشاط السماسرة وما يسمى بمرشحي “الحشوات”.
وهكذا سيشكل مجلس نيابي لا يختلف عن المجلس القائم / المنحل. وستعود من جديد بواعث الشكوى من “نواب الخدمات” ومن أدائهم الذي لا يكترث بماهية السياسات العامة المطبقة بقدر ما يهتم بالمطالب ذات الطابع المحلي والمناطقي الضيق.
كما إن التفشي المحتمل للوباء يجعل الاهتمامات الأساسية للمواطنين منصبة على مكافحة الوباء، وتأمين سبل الوقاية منه، أكثر من أي أمر آخر.
ومن ناحية أخرى وفي ذات السياق لا زالت أجواء الاحتقان السياسي هي المخيّمة، ولم تتخذ الحكومة لغاية الآن أي خطوة جدية لتبديد هذه الأجواء، واحداث الانعطافة المطلوبة باتجاه مناخات إيجابية تحفز المواطنين على الاهتمام بالعملية الانتخابية والمشاركة بجدية في مناقشة برامج وتوجهات مرشحي الأحزاب والقوى والشخصيات التي لها رؤية ومواقف مغايرة لما هو مطروح ومطبق من قبل السلطة.
وأمام هذا الواقع الشائك وغير المواتي، ومن موقع المشاركة وليس البحث عن ذرائع للمقاطعة، يدعو حزبنا الشيوعي الهيئة المستقلة للانتخابات أن تتدارس مع المعنيين جميع هذه الظروف السياسية والوبائية والصحية واتخاذ قرار لا يستبعد تأجيل الانتخابات بضعة أشهر، علّ الظروف والأجواء المحيطة بالانتخابات تغدو أكثر ملاءمة لإجرائها، ويتم خلالها تعديل قانون الانتخابات، هذا المطلب الذي ما زال مطروحاً بقوة في صدارة جدول اعمال العديد من الأحزاب والقوى والشخصيات السياسية، ومنها حزبنا.