أن يتم الإعلان عن العقار الروسي سبوتنيك ومن خلال الرئيس الروسي بوتين وليس وزير الصحة أو مدير مركز جماليا دلالة واضحة على أهمية وخطورة الأسبقية في التوصل لهذا العقار ولتأكيد ثقة الرئيس بفعالية وأمان هذا العقار أعلن حقن ابنته به. ومما يؤكد أهمية وخطورة هذا الإعلان ردود الفعل الواسعة سواءً المستبشرة والمشككة هذا التشكيك الذ لم يمنع دولاً تعتبر من حلفاء الولايات المتحدة والغرب عامة من حجز حصصها من هذا العقار زادت حتى الان على العشرين دولة حجزت ما يزيد على المليار جرعة، حتى قبل البدء في انتاج العقار في الأول من أيلول على أن يتم توزيعه مع نهاية كانون أول.
أهم المآخذ
مع أن الكثير من هذه المآخذ تعكس مواقف سياسية أكثر منها آراء علمية، حيث ربطت ميركل على سبيل المثال العقار بديكتاتورية بوتين على حد زعمها والرأي الأكثر تأثيراً وحسماً هو رأي منظمة الصحة العالمية التي لم ترفض العقار تماماً ولكنها طالبت بتطبيق إجراءات الترخيص المشددة والدقيقة، حيث أخذت على الإعلان السرعة في اللقاح وثانياً عدم استكمال الاختبارات السريرية وبالذات المرحلة الثالثة منها التي تقتضي أن يتم حقن الآلاف من المتطوعين ومراقبة النتائج. وثالثا عدم نشر روسيا معلومات حول مراحل وتطوير العلاج.
القطبة المخفية
مع أحقية المآخذ الا أن الكثير من الآراء المشككة والرافضة لقبول اللقاح تعكس احتدام التنافس على الفوز بقصب السبق في انتاج عقار تترقبه البشرية على أحر من الجمر علاوة على أن الفوز باكتشاف العقار يعطي الدولة المجد السياسي علاوة على تحقيق استثمارات وأرباح بمليارات الدولارات خصوصاً اذا علمنا ان حجم الاستثمارات العالمية المعلن عنها حتى الان زادت على سبعة ونصف مليار دولار، وان حجم المبيعات والأرباح المتوقعة تتراوح ما بين 70 – 100 مليار دولار.
خوف المحتكرين
تعد الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وألمانيا وسويسرا وفرنسا بمراكز أبحاثها وشركاتها المتخصصة العابرة للقارات هي الأفضل في صناعة الأدوية ومكوناتها ومنح تراخيصها عبر العالم على مدى عقود. هذه الشركات احتكرت صناعة وتطوير أهم اللقاحات، حيث تزيد مبيعاتها السنوية على 1.2 تريليون دولار. لذلك لنا أن نتصور حجم خساراتها إذا علمنا أن بعضها خطط لوضع سعر اللقاح 100 دولار للجرعة الواحدة وهذا يفسر مسارعة الدول الفقيرة وحتى المتوسطة لطلب العقار الذي يتوقع أن لا يزيد على 5 دولارات وفي مقابل الاحتكارات الغربية يعلن الروس أنهم لن يحتكروا انتاج اللقاح بل إنهم سيتبادلون عملية الإنتاج مع الدول الأخرى أي إتاحة المجال للدول القادرة على تصنيع القاح لإنتاجه محلياً كالهند والمكسيك. وكذلك إذا كان بوتين يعلن عن حقن ابنته فان فرنسا تنوي اجراء الاختبار النهائي على الأفارقة في داروينية صحية.
حول السرعة في الإعلان عن اللقاح
تعتبر روسيا تاريخياً من الدول الرائدة في مجال دراسة الفيروسات والعمق التاريخي للروح التعاونية البعيدة عن الاحتكار عندما قام السوفييت وفي خضم الحرب الباردة بإرسال ثلاثة علماء بارزين في علم الفيروسات الى الولايات المتحدة من أجل اجراء اختبار للقاح طوره السوفييت ضد شلل الأطفال وهو مرض قاتل أودى بحياة الملايين وكذلك في الخمسينات من القرن الماضي تفشى مرض شلل الأطفال في اليابان أودى بحياة الملايين من الأطفال وبنتيجتها خرجت الأمهات اليابانيات في مظاهرة يطالبن باستيراد اللقاح من الاتحاد السوفيتي اضطرت معها السلطات اليابانية السماح بذلك وبالفعل تم انقاذ 20 مليون طفل ياباني. لذلك فان مركز جماليا هو أحد أغنى مكتبات الفيروسات في العالم والتي تم انشاؤها باستخدام تكنولوجيا فريدة لحفظ العينات، وهذا الإرث التاريخي هو ما أتاح لهم تطوير لقاح ضد كوفيد 19.
أما حول السرعة في انجاز العقار يقول العلماء الروس أنهم ومنذ الثمانينات من القرن الماضي عملوا في مركز جماليا على تطوير منصة تكنلوجية تستند الى الفيروسات الغدية وهذه الفيروسات بمثابة نواقل أو حوامل يمكنها إيصال المادة الجينية لفيروس آخر الى الخلية وبذلك يتم القضاء على جين الفيروس الذي يسبب المرض.
خلاصة القول إن العقار “سبوتنيك” ليس قادراً على القضاء على الفيروس فقط بل يؤكد العلماء أنه يؤمن مناعة المريض لمدة سنتين على الأقل.