الإعلانات اليومية حول العقارات والأراضي المطروحة بالمزاد العلني والصادرة عن دوائر التنفيذ في مختلف مدن والألوية الأردن أصبحت في السنوات الأخيرة ظاهرة ملفتة للنظر. ولدى تصفحنا ومطالعاتنا للجرائد اليومية يشعر القارئ بعمق وتجذر المشكلة وكم هي كبيرة معاناة المواطن. ولعلم القارئ فالإعلانات وعلى الغالب تحتوي معلومتين أساسيتين الأولى وتتعلق باسم الدائن من جهة والمعلومة الثانية باسم المدين أو الكفيل من جهة أخرى.
وهذه الإعلانات تصدر ويتم نشرها بناء على تعليمات مأمور التنفيذ لدى المحاكم في عمان أو المدن الأردنية الأخرى وتتضمن معلومات هامة عن موقع العقار او الأرض من حيث رقم الحوض والقطعة واسم القرية وموقعها من حيث أنها من ضمن التنظيم أو خارجه والأهم من كل ذلك معلومات تتضمن وصف العقار بالتفصيل الممل يليها معلومات تتضمن التقديرات المالية لهذا العقار او تلك الأرض، وهذا الإعلان يتسع ويتقلص بناء على كبر العقار أو صغره لتصل الكلفة للإعلان في بعض الإعلانات الكبيرة الحجم الى ما يقارب من 1000 الى 1500 دينار. ولعل كُبر حجم هذه الإعلانات والمزادات شدني الى عملية جرد سريعة لما هو ظاهر ومبين في الصحيفة الصادرة بتاريخ 4/ أذار/2020 حول اعداد ومضامين وماهية هذه المزادات، حيث تبين لي بعد أخذ “عينة” بلغ عددها 35 اعلاناً من الحجم المتوسط والكبير وأن عددها في ذلك اليوم وفي الصحيفة عينها دون زميلاتها بلغ 35 اعلاناً وأن القيمة الاجمالية لهذ المزادات بلغ التمام والكمال 29.731.000 ديناراً وأن هذه المزادات من حيث الاختصاص تتوزع ما بين محاكم جنوب وشمال وغرب عمان ومحكمة صويلح وإن أدنى قيمة للمزاد كانت 27.250 ديناراً وأعلاها كان 22.309.000 مليون دينار. وللعلم فان اعلانات الحجوزات والمزادات كانت أضعاف مما أشرنا اليه في تلك الصحيفة اليومية الا أننا ارتأينا أن نختصر الجرد على الإعلانات المتوسطة والكبيرة الحجم من حيث المساحة.
إن حجم وعدد هذه الإعلانات (إن كان حجز أم مزاد) والذي يظهر بمعدل يومي بالصحف المحلية مؤشر مقلق وخطير للغاية وهذا يقودنا الى صعوبة الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين. والا ما وصل الأمر بالمالكين ليتم الحجز على أراضيهم وعقاراتهم.
وفي هذا السياق نعلم علم اليقين أن قطاع الانشاءات ومنذ مدة طويلة يعاني أشد المعاناة من ركود حاد وانخفاض شديد في انتاجيته، لكن أن يصل الأمر بالمواطن الى الحجز على عقاره أو أرضه وبهذا الشكل المفزع والواسع الانتشار، فهذا مؤشر خطير خاصة وان نسبة عالية من هذه الحجوزات والمزادات مرهونة للبنوك في ظل صعوبة شديدة على المالك لسداد أقساط القرض إن لم تكن مستحيلة، كما أن كفيل الدائن أصبح هو أيضا في وضع لا يحسد عليه، وان “رجله بالفلقة”.
ان الحجوزات والمزادات على الأراضي والعقارات أصبحت سمة متلازمة للمواطن الذي فكر يومياً أن يبتني لنفسه وعائلته بيتاً أو يضع سقفا فوق رأس اطفاله. وأن نصف عمره ينقضي وهو ما زال يسدد القرض او يفكر بهذا الالتزام المالي والذي ما أن ينتهي شهراً الا والاخر على الأبواب.
الا أن جائحة كورونا كشفت مؤخراً وفي هذا السياق العيوب والخلل الكبير في قانون المالكين والمستأجرين الذي طالما كان مجال أخد ورد طيلة السنوات الماضية، خصوصا ً في مجال تنظيم العلاقة والحفاظ على حقوق كل طرف وتحديداً في موضوع ايجار واستئجار المحلات التجارية لدرجة أن الحكومة والمسؤولين والمعنيين بتنفيذ أوامر الدفاع تنصلوا من الولوج لهذا الموضوع الذي يتعلق بآلاف المواطنين (مؤجر ومستأجر) لأسباب عديدة، إذ ترك الأمر للمالك والمستأجر في ترتيب تفاهمات عديدة بلغت في بعض الحالات حد الإعفاء من بدل الايجار لمدة تتراوح من شهر الى شهرين.