ازدادت الهواجس المقلقة بشأن قدرة الاردن على اعتماد استراتيجية فعالة لتأمين احتياجاته الغذائية مع وصول جائحة كورونا بموجتها الثانية الى مرحلة الذروة، وامكانية اغلاق معابر للشاحنات التي تؤمن واردات الأردن من المواد التموينية، في بلد يعتمد بنسبة 90% من احتياجاته الغذائية على الاستيراد من الخارج، ويعاني ما يزيد على 1.3 مليون نسمة من سكانه من العجز الشديد عن تحقيق الأمن الغذائي المستقر، في وقت تراجعت فيه مساحة الاراضي المزروعة بنسبة تقارب 60% خلال السنوات السبع الاخيرة، كما يقول عدنان خدام رئيس اتحاد المزارعين، وازداد فيه الطلب على الغذاء بنسبة تقارب 30%.
وينفق الاردن ما يزيد على 7 مليارات دولار سنويا على الواردات الغذائية من أصل 20 مليارا اجمالي قيمة الواردات السنوية الاردنية.
في وقت تتعالى فيه الدعوات لوضع استراتيجية للأمن الغذائي يساهم في تعديل الميزان التجاري وتوفير الهدر المالي على الواردات، فان الفكر السياسي التنموي لمعالجة هذا الهدر يجب ان تستهل بثورة ثقافية تهدف الى توعية الايدي العاملة الوطنية بأهمية العمل في الزراعة وإحلالها مكان الأيدي العاملة الوافدة من خلال تحسين الوضع الزراعي في الأردن بالتشجيع على تحويل العمل الزراعي من عمل فردي الى عمل تشاركي تعاوني وإنشاء قرى تعاونية تؤمن برأسمال مشترك وسائل الانتاج الحديثة وتوفر للعمالة الاردنية فرص التشغيل بمردود مادي يحقق للعامل وأسرته العيش الكريم، وتدريب الايدي العاملة لرفع كفاءتها،.. وهذا التحول النوعي يتطلب توفير قروض ميسرة للجمعيات وتحفيزها المتواصل على العمل من خلال مكافآت سنوية للقائمين على تلك الجمعيات والعاملين فيها، ورفع الوعي الشعبي بأهمية الانتاج الوطني.
ان ما نشهده اليوم هو ان الانتاج الزراعي الاردني يتقلص بشكل مقلق حتى ان هناك تقديرات بان هذا الانتاج لا يتعدى نسبة تتراوح بين 3% و5% من احتياجات الاردن الغذائية وان نسبة انتاج القمح لا تتجاوز 25% من الاراضي الزراعية المطلوبة للاكتفاء الذاتي من هذا المحصول الأساسي.
ان تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي مهمة أساسية على الدولة وضع استراتيجية ناجحة لتحقيقها، وهو ما يتطلب تفعيل العمل المؤسسي الحديث وتحقيق ثورة ثقافية توعوية شاملة في القطاع الزراعي الاردني.
وهذا يتطلب انتهاج توجه اشتراكي وترسيخ مبدأ العمل التعاوني بدعم من الدولة.