استنكر مركز حماية وحرية الصحفيين مشروع القانون المعدل الخاص بهيئة النزاهة ومكافحة الفساد والذي يجرّم “نشر المعلومات الكاذبة بحق أي شخص بقصد تحقيق منافع شخصية أو اغتيال شخصية أو التأثير على مصداقيته أو الإضرار بسمعته واستغلال النفوذ”، واصفاً هذه التعديلات بأنها تمس حرية التعبير والإعلام.
وأشار “المركز” إلى أن منظومة القوانين السارية في الأردن تجرم نشر المعلومات الكاذبة، وكذلك الإساءة للسمعة، وأن قوانين العقوبات والجرائم الالكترونية والمطبوعات تتضمن مواد صريحة للعقوبات الخاصة بالقدح والذم.
ولفت الانتباه إلى أن التعديل المقترح لا يتوافق مع الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، ولا مع المعايير الدولية التي تحمي حرية التعبير وحق الوصول للمعلومات وتداولها، داعيا مجلس النواب إلى رفض هذا التعديل باعتباره يشكل إرهاقاً لحرية التعبير والإعلام، وطالب الحكومة بترجمة حديثها عن دعم حرية التعبير والإعلام إلى أفعال، مذكراً أن تغليظ العقوبات وإضافة نصوص جديدة لا ينسجم مع دعوة الملك للإصلاح السياسي.
قانونيون: المشروع يتضمن قيودا على حرية التعبير.. ويتجاوز اختصاص هيئة النزاهة
انتقد قانونيون التعديلات المقترحة على قانون النزاهة ومكافحة الفساد، والتي تطال الأفراد والمؤسسات بسبب آرائهم وما يخرج عنهم من أخبار واعتبروها تدخلات خارج اختصاص الهيئة.
وقالوا لموقع “الأردن 24” إن الأسباب الحقيقية لهذا التعديل التشريعي هو إحكام السلطة قبضتها على الرأي والاعلام الحرّ، سيّما وأن التجربة في السنوات الأخيرة أظهرت تماديا وتغولا غير مسبوقين على الحريات الصحفية، ما يؤكد أن الحكومة ماضية في نهج مصادرة حقّ حرية التعبير. وقال القانونيون إن حرية التعبير والانتقاد مكفولة بموجب الدستور، وهناك نصوص واضحة في قانوني العقوبات والجرائم الالكترونية تجرّم من يحاول المساس والاساءة للأشخاص الآخرين وهي كافية.
عرب: التشريع خارج اختصاص مكافحة الفساد
من جانبه قال المحامي يونس عرب: “الواضح أن الأسباب الموجبة الحقيقية لهذا التعديل التشريعي هو احكام السلطة قبضتها على الرأي والاعلام الحر، سيما وأن التجربة بالسنوات الاخيرة أظهرت تماديا وتغولا غير مسبوق على الحريات الصحفية.
وأضاف عرب إن النص الجديد جاء في متن قانون النزاهة ومكافحة الفساد، وهو من حيث مبناه وصفته وغرضة يخرج تماما عن دائرة الأحكام المتصلة بالرأي والصحافة والمعلومات وممارسة حرية التعبير، لكن في الوقت نفسه منح هذا القانون الهيئة صلاحيات مرنة تتيح اتخاذ التدابير المستعجلة والتي لا تحتاج إلى تعقيدات بحق الملاحقين بهذا القانون، وهذه التعديلات تخرج الهيئة عن دورها ومهامها الذي يتوخاها المواطن لتتحول إلى جهة تنفذ غرضا حكوميا وتؤذي المواطن بواحدة من اهم حرياته وهي حرية التعبير عن الرأي.
وتابع: “صحيح ان اشاعة المعلومات الكاذبة غير قانوني وغير اخلاقي ومجرم بطبيعته، لكن نطاقه تشريعات المطبوعات وتشريعات الاعلام وما يتصل بالمعلومات والراي، وبالتالي فان حزمة التشريعات القائمة بما فيها الاحكام المقررة بقانون العقوبات تفي الغرض وكافية للتعامل مع الوقائع الجرمية الصحيحة بعيدا عن استغلال السلطة لملاحقة اصحاب الراي”.
النوايسة: زجّ الهيئة بقضايا الرأي خطأ
وقال المحامي راتب النوايسة ان قانون الجرائم الالكترونية يعالج القضية التي جاءت في مشروع قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وزج الهيئة في هذه القضايا خطأ، فهي وجدت لمكافحة الفساد الاداري والمالي المختص بالقطاع العام، وأعتقد أن هناك ما هو أهم من هذه التعديلات.
وأضاف النوايسة إن قانوني العقوبات والجرائم الالكترونية عالجا اي قضايا تمس الافراد عبر النشر بكافة طرقه، مشيرا الى ان هذا التعديل غير محمود كون الهيئة ستتحول الى الدفاع عن قضايا الافراد بدلا من معالجة الاعتداء على المال العام والتجاوزات الادارية والمالية.
ولفت الى ان الهيئة لديها ما يكفي من قضايا التجاوزات المالية والادارية والدفاع عن المال العام وهي اهم بكثير من توسيع عمل الهيئة لملاحقة الافراد .
الامام: الحكومة تنحى منحى لجم حرية التعبير
من جانبها قالت الناشطة الحقوقية والمحامية نور الامام إن السلطة التنفيذية تنحى منحى تقييد حق الحصول على المعلومات وتلجم حرية التعبير من خلال اقتراحها لهذا التعديل.
واضافت الامام كان من باب اولى إن كانت تحرص على عدم اغتيال الشخصية منع نشر معلومات خاطئة، أن تضمن وتتيح المعلومة للجميع لكي لا يزيد التكهن، فحق الحصول على المعلومة هو معيار اساسي في مكافحة الفساد.
وتابعت: أما فيما يتعلق بالعقوبة على الاساءة او اسناد مواد غير صحيحة لأي شخص فقد كفلها قانون العقوبات ولا داعي لمزيد من النصوص التي اصبحت عبارة عن ادوات للتهديد ومنع اي محاولة للنقد.
العدوان: التعديل خارج عن اختصاص مكافحة الفساد
من جانبه قال رئيس لجنة الحريات العامة وحقوق الانسان في نقابة المحامين وليد العدوان إن حرية النقد والتعبير مكفولة بموجب الدستور وحتى لوكان نقدا لاذعا موجها لمؤسسات او افراد.
واضاف العدوان: لا اعلم ما علاقة هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، فهذا التعديل خارج عن اختصاصها، وحتى لو كان هناك اغتيال شخصي فان قانون العقوبات والجرائم الالكترونية يغطيان اي جانب قانوني .
وقال اعتقد انه لا داعي لتعديل قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد وهو من باب الاستزادة غير المحمودة في ظل وجود قانون الجرائم الالكترونية والعقوبات.
العجارمة: مخالفات دستورية في المعدل لقانون النزاهة ومكافحة الفساد
نشر الوزير الأسبق والفقيه القانوني الدكتور نوفان العجارمة مطالعة قانونية على فيسبوك استعرض فيها مشروع القانون المعدل الذي يجيز لمجلس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد. ولم يكتف الدكتور العجارمة بتقديم اعتراضات مفصلة ومسندة على كثير من مواد المشروع، الا أنه تقدم أيضا باقتراحات ملموسة تهدف لتلافي العيوب ومظاهر القصور في المشروع. وختم مطلعته بمطالبة مجلس النواب برد مشروع القانون.
ومما جاء في المطالعة القانونية، التي لا يتسع الحيز المخصص لهذه المادة ايراد نصها كاملا، رفض المادة التي تجي لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد الاحتفاظ بالمشتبه بارتكابه أيا من أفعال الفساد لمدة لا تتجاوز 48 ساعة، على اعتبار ان هذا النص، كما يراه العجارمة، ينطوي على شبهة مخالفة الدستور ويدخل ضمن اختصاص القضاء ولا يجوز ان يعطى لجهة إدارية ليس لها ضمانات استقلال القضاْء.
وتساءل د. العجارمة اين سيتم توقيف المشتبه بهم والذين صدرت بحقهم عقوبة التوقيف لمدة 48 ساعة، وهل هناك نية لإقامة سجن داخل الهيئة (هيئة النزاهة ومكافحة الفساد)؟. وفي هذا الصدد رأى أن قرار التوقيف يجب ان يصدر عن جهة قضائية، ولا يجوز ان يصدر عن جهة إدارية، وهذا التعديل، يعتبره الخبير القانوني، “اعتداء صارخا على الحقوق والحريات واصفا إياه بالمعيب والمخجل فكرة ومضمونا”.
وطالب د. العجارمة بتخليص مشروع القانون المقترح من النصوص الفضفاضة، ودعا الى ان تكون النصوص المتعلقة بالجريمة والعقاب محددة في قوالب جامعة ومانعة. ومن ذلك اعتراضه على ما ورد في المادة (3 ) من المشروع التي اعتبرت “نشر معلومات كاذبة بحق أي شخص طبيعي أو اعتباري أو أي من جهات الادارة العامة بقصد تحقيق منفعة شخصية مباشرة أو غير مباشرة له أو لغيره أو اغتيال شخصيته أو التأثير على مصداقيته أو الاضرار بسمعته أو بمركزه الاجتماعي” فسادا. مصدر الاعتراض بحسب د. العجارمة أن عبارة اغتيال الشخصية هي في “الأصل اصطلاح صحفي وسياسي”. كما أن عبارات من قبيل “محاولة تمكينه” الواردة في الفقرة التي تقول نصا “استغلال النفوذ لتمكين شخص أو محاولة تمكينه للحصول من الادارة العامة على وظيفة أو خدمة أو اتفاق توريد أو عطاء أو مقاولة أو قرار أو أي ميزة أخرى غير مستحقة” تعد غير منضبطة ولا تنتمي لعائلة قانون العقوبات”.
واعتبر د. العجارمة ان تفويض مجلس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد صلاحيات التحقيق في جرائم غسل الأموال يعد تعديا على صلاحيات وحدة غسل الأموال لدى البنك المركزي التي أنشئت بقانون وتضم كفاءات متخصصة ولديها شبكة معلومات واسعة قادرة على تتبع حركة الأموال ولا يخدم الدولة وجهود مكافحة جريمة غسل الأموال.
وختم الفقيه القانوني د. نوفان العجارمة مطالعته البليغة والموضوعية والمفعمة بالحرص الشديد على تعزيز هيبة القانون، بمطالبة النواب الذين اقسموا على المحافظة على الدستور، الوقوف في وجه كل نص من شأنه ان يشكل خرقا لهذ الدستور. ويواصل العجارمة حديثه قائلا: إن المطلوب، ونحن على اعتاب مئوية الدولة، تعزيز الحقوق والحريات وحمايتها ليس الانتقاص منها وتعزيز استقلال القضاء ودعم النيابة العامة لأنها ذراع الدولة وسيفها القاطع في مكافحة الفساد.
إن مشرع الحقوق والحريات في هذه بلدنا العزيز مدعو – بحكم الأمانة التي يحملها فوق كتفيه وبحكم الظروف التي يعيشها الوطن – لان يكون حاميا لسيادة القانون ورسولا للحرية ومبشرا بالتقدم، وراعيا للعدل، فهذا التعديل وفكرته -ومع كل احترام – لم تأخذ به الدولة الأردنية حتى في ظل الاحكام العرفية.